الفرد المنهيّ عنه ؛ ليكون نقضا من قبل المولى لنهيه ، وسدّا لباب امتثاله.
وإن اريد أنّ انقداح الداعي في نفس المولى إلى البعث مناف لانقداحه إلى الزجر ، ففيه : أن قيام المصلحة في شيء بعنوان وقيام المفسدة فيه بعنوان آخر مما لا شكّ فيه ، وتصوّر المصلحة يوجب الرغبة فيها ، وتصوّر المفسدة يوجب الرغبة عنها ، فموافقة المصلحة ومنافرة المفسدة للطبع وجدانية.
وكذا الإرادة النفسانية والكراهة النفسانية في التشريعية ، وكذا البعث والزجر المنبعثان عنهما ـ بملاحظة ما قدمناه (١) من تعلّق البعث بصرف وجود الطبيعة ـ فإرادته والبعث نحوه لا يمنع (٢) عن كراهة الغصب بجميع أفراده والزجر عنها.
وأما في الإرادة التكوينية والكراهة التكوينية ، فإنما لا يعقل انقداح الداعي إليهما الموجب لاجتماعهما ، من حيث إنهما جزءا الأخير من العلّة التامّة للفعل والترك معا ، وحيث لا يعقل فلا يعقل انقداح الداعي إليهما معا ، فلا بدّ من الكسر والانكسار بين المصلحة والمفسدة في مقام تاثيرهما في الفعل والترك.
وأمّا التقرّب بالمبعد : فإن اريد منه ما هو نظير القرب والبعد المكانيين بحيث لا يعقل حصول القرب إلى مكان مع حصول البعد عنه.
ففيه : أنّ لازمه بطلان العمل حتى في الاجتماع الموردي ؛ نظرا إلى عدم حصول القرب والبعد معا في زمان واحد.
وإن اريد منه سقوط الأمر والنهي ، وترتّب الغرض وعدمه ، فلا منافاة بين ان يكون الواحد مسقطا للأمر ؛ حيث إنه مطابق ما تعلّق به ، ومسقطا (٣) للنهي
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ١٢٧ خصوصا عند قوله : ( فالتحقيق حينئذ ... ).
(٢) كذا في الاصل ، والصحيح : لا يمنعان ...
(٣) أي وبين كونه مسقطا ...