فوجود أحد الضدّين يستند إليها بلا واسطة ، وعدم الآخر يستند إليها بالواسطة ، ولكنك قد عرفت حقيقة الحال آنفا ، مضافا إلى ما مرّ مرارا : من أنّ وجود الضدّ بدلا عن الآخر أمر ، ومع الآخر أمر آخر ، وعنوان التزاحم في المقتضيات في الأول ، والكلام في المقام في الثاني.
١١٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا أن يكون محكوما بحكمه ... الخ ) (١).
إن قلت : ما الفرق بين الإرادة التكوينية والتشريعية ؛ حيث تقول باستلزام إرادة أحد المتلازمين لإرادة الآخر في الاولى دون الثانية ، ولذا لا شبهة في أن القاصد إلى ملازم الحرام يستحقّ العقوبة على الحرام المترتّب على ملازمه المباح قهرا ، مع الالتفات إلى التلازم؟
قلت : إذا لم يكن في الشيء غرض نفسي أو مقدّمي لا يعقل انقداح الداعي إلى إرادته في النفس ، وموافقة أحد المتلازمين للغرض لا تستلزم موافقة الآخر للغرض ، بل هو ملازم لما يوافق الغرض.
وأما ترتّب الحرام قهرا على ملازمه مع الالتفات إلى الملازمة ، فهو ليس من جهة كونه مرادا قهرا ، أو بحكم المراد في الآثار شرعا أو عقلا ، ولا دخل لكونه مقدورا بالواسطة بكونه مرادا فإن الفعل الاختياري ، كما يحتاج إلى القدرة والشعور ، كذلك إلى الإرادة ، فمجرّد إرادة ملازمه لا يجعله مرادا.
وقد عرفت فيما تقدم (٢) معنى مقدورية المسبب بالقدرة على سببه ، مع أن كون الفعل توليديا وتسبيبيا لا يقتضي عدم تعلّق الإرادة به ، بل إرادة الإحراق
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٢ / ١٨.
(٢) في التعليقة : ١٠٢ عند قوله : ( نعم إرادتها بمعنى الشوق ... ).