١٤٩ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ضرورة أنّ وجودها يكون ... الخ ) (١).

لا يخفى عليك : أنّ الطبيعة توجد بوجودات متعدّدة ، ولكل وجود عدم هو بديله ونقيضه ، فقد يلاحظ الوجود مضافا إلى الطبيعة المهملة ، التي كان النظر مقصورا على ذاتها وذاتياتها ، فيقابله إضافة العدم إلى مثلها ، ونتيجة المهملة جزئية ، فكما أن مثل هذه الطبيعة تتحقّق بوجود واحد ، كذلك عدم مثلها ، وقد يلاحظ الوجود مضافا إلى الطبيعة بنحو الكثرة ، فلكل وجود منها عدم هو بديله ، فهناك وجودات وأعدام.

وقد يلاحظ الوجود بنحو السعة ـ أي بنهج الوحدة في الكثرة ـ بحيث لا يشذّ عنه وجود ، فيقابله عدم مثله ، وهو ملاحظة العدم بنهج الوحدة في الأعدام المتكثرة ـ أي طبيعي العدم ـ بحيث لا يشذّ عنه عدم. ولا يعقل أن يلاحظ الوجود المضاف إلى الماهية على نحو يتحقّق بفرد ما ، ويكون عدمه البديل له بحيث لا يكون إلاّ بعدم الماهية بجميع أفرادها.

وأما ما يتوهم : من ملاحظة الوجود بنحو آخر غير ما ذكر ، وهو ناقض العدم الكلّي وطارد العدم الأزلي ؛ بحيث ينطبق على أوّل الوجودات ـ ونقيضه عدم ناقض العدم ، وهو بقاء العدم الكلّي على حاله ـ فلازم مثل هذا الوجود تحقّق الطبيعة بفرد ، ولازم نقيضه انتفاء الطبيعة بانتفاء جميع أفرادها.

فمدفوع : بأنّ طارد العدم الكلي لا مطابق له في الخارج ؛ لأنّ كلّ وجود يطرد عدمه البديل له ، لا عدمه وعدم غيره ، فأوّل الوجودات أوّل ناقض للعدم ، ونقيضه عدم هذا الأول ، ولازم هذا العدم الخاصّ بقاء سائر الأعدام على حالها ، فإنّ عدم الوجود الأوّل يستلزم عدم الثاني والثالث ، وهكذا ، لا أنه عينها ، فما

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٤٩ / ١٤.

۵۱۰۱