الكلام في أنّ النهي عن الشيء يقتضي فساده ، أو لا
٢١٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا يخفى أنّ عدّ هذه المسألة ... الخ ) (١).
فإن قلت : كما لا موهم لمنافاة الحرمة لترتّب الأثر في المعاملات ، ولذا جعل النزاع لفظيا ، لا عقليا فيها ، كذلك لا موهم لعدم لعدم المنافاة بين الحرمة والمقرّبية في العبادات ، فكيف يعقل أن يكون النزاع فيها عقليا؟!
قلت : يمكن أن يكون الموهم تعدّد مورد الأمر والنهي بالإطلاق والتقييد ـ كما حكاه في الفصول (٢) ـ فلا يكون المقرّب مبعّدا.
والتحقيق : أنّ المجوّز للاجتماع إن كان تعدّد المورد ولو مفهوما ، فيمكن أن يقال ـ كما قيل ـ بأنّ ذات المطلق محفوظة في المقيّد ، فلا تعدّد حتى في عالم الذهن ، وإن كان عدم التضادّ والتماثل كلّية في الأحكام ، فيصحّ الاجتماع لو لم يكن محذور آخر.
وأما حديث التقرّب بالمبعّد فقد عرفت حاله سابقا (٣) لاتّحاد الملاك هنا وهناك ؛ لأنّ المتقرّب به نفس طبيعة الصلاة ، لا بما هي متقيّدة بكذا ؛ حتى لا يعقل التقرّب بالمبغوض.
وأما اتّصاف ذات المطلق بمصلحة ، وبما هي مقيّدة بمفسدة ، فلا مانع منه ؛ إذ ليست ذات المصلحة والمفسدة دائما متضادّتين ؛ حتى يقال : لا يعقل اقتضاء طبيعة واحدة أثرين متباينين ، بل يمكن أن يكون شرب ( السكنجبين ) مطلقا دافعا للصفراء ، وباعتبار تقيّده بمكان أو زمان مورثا للحمّى ، والأوّل مصلحة
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٨٠ / ١٦.
(٢) الفصول : ١٢٥.
(٣) كما في التعليقة : ١٧٢ عند قوله : ( وأما التقرّب بالمبعّد ... ).