ومنه يتضح : أن الإيجاب بمعنى البعث والتحريك أيضا كذلك ، فإنّ البعث لجعل الداعي. ومن الواضح أن جعل ما يمكن أن يكون داعيا غير قابل للتعدّد مع وحدة المدعوّ إليه ؛ إذ لازمه الخروج من حدّ الإمكان إلى الوجوب عند تمكين المكلف من الامتثال ، فيلزم صدور الواحد عن إرادتين وداعيين مستقلين.
٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لعدم تعددها هاهنا ... الخ ) (١).
سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في محلّه : أن الوجه المبحوث عنه هو الوجه الواقعي ، لا الوجه اللفظي.
ومن الواضح أن المقدّمة لا تجب بما لها من العنوان الذاتي ، بل بما لها من حيثية المقدّمية ، وهي حيثية واقعية ربّما لا توجد في غيرها.
٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( بوجوب واحد نفسي لسبقه ... الخ ) (٢).
لا يخفى عليك أنّ السبق المتصوّر هنا : إما سبق زماني ، أو سبق بالعلية ، أو سبق بالطبع.
أما السبق الزماني : فلا وجه له ؛ لأنّ ترشّح الوجوب الغيري من الوجوب النفسي لا يستدعي سبقا زمانيا ، بل في العلّة البسيطة أو الجزء الأخير من المركبة يستحيل السبق الزماني ؛ لاستحالة تخلّف المعلول عن العلة ، ولو في آن.
واما السبق بالعلية : فمن الواضح أن الوجوب النفسي إنما يتّصف بالسبق بالعلية إذا اتصف بالعلية للوجوب الغيري ، والمفروض هنا استحالة الوجوب الغيري مع الوجوب النفسي ، فكيف يعلّل وجود الوجوب النفسي دون الغيري بما يتوقّف على وجود الوجوب الغيري الموجب لاستحالة وجوده؟! أم
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩٠ / ١٦.
(٢) كفاية الاصول : ٩١ / ٤.