يمكن أن يقال : إن اختيارهم ـ عليهم‌السلام ـ لطرف الترك لمجامعته مع فعل سائر المستحبّات من دون رجحان لمزية الترك على مزية الفعل.

نعم ترجيح الترك على الفعل ـ في مقام الجواب عن سؤال حال الصوم ـ دليل على رجحانه من حيث المزية على مزيّة الفعل.

١٧٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( إما لأجل انطباق عنوان راجح (١) ... الخ ) (٢).

إنّما التزم بعنوان راجح ، لا برجحان الترك ، لا لأنّ الترك لا يمكن أن يكون كالفعل ذا مصلحة ـ بتوهّم لزوم علّية الشيء وجودا وعدما لشيء ، فإنه يندفع : بالتزام تأثير الفعل في مصلحة ، وتأثير الترك في مصلحة أخرى ، لا في مصلحة واحدة ـ بل لأنّ الترك لو كان بذاته راجحا لزم اتّصاف الفعل بالراجحية والمرجوحية معا ؛ لكونه نقيض الترك الراجح ، ونقيض الراجح مرجوح ، بخلاف ما إذا كان الترك بعنوان منطبق عليه راجحا ، فإن الفعل ليس نقيضا للترك بما هو معنون ؛ حتى يتّصف بالراجحية والمرجوحية ، بل نقيض لما لا رجحان فيه.

ويمكن أن يورد عليه : بأن الفعل إذا كان راجحا ـ كما هو المفروض ـ لزم مرجوحية نقيضه ، وهو الترك بذاته ، مع أنّ الترك بعنوانه راجح ، فالراجحية والمرجوحية وإن لم تجتمعا في عنوان واحد ولا في ذات المعنون ، إلاّ أنّ العنوان والمعنون لا يختلفان في الحكم ، ولا يتفاوتان بالراجحية والمرجوحية ، بل من يقول بجواز اختلاف الواحد في الحكم بعنوانين ، لا يقول به في العنوان والمعنون ، ولا يمكن الالتزام بمرجوحية الترك بذاته شأنا وبراجحية عنوانه فعلا ؛ لأنّ المفروض رجحان الفعل فعلا ، فيكون نقيضه ـ وهو الترك بذاته ـ مرجوحا فعلا

__________________

(١) في الكفاية ـ تحقيق مؤسستنا ـ : إمّا لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة ...

(٢) كفاية الاصول : ١٦٣ / ٥.

۵۱۰۱