المقصد الثالث في المفاهيم
١٤٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( إنّ المفهوم إنّما هو حكم غير مذكور ... الخ ) (١).
إن اريد بكون الحكم غير مذكور كونه بشخصه غير مذكور ، فكلّ موضوع أيضا بشخصه غير مذكور وإن جعل الموضوع نفس ( زيد ) في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ؛ بداهة تشخّص كلّ قضيّة بموضوعها ومحمولها.
وإن اريد بكون الحكم غير مذكور كون سنخ الحكم غير مذكور ، فلا يعمّ المفاهيم جميعا لخروج مفهوم الموافقة ؛ إذ الحكم في طرف المنطوق والمفهوم واحد سنخا.
فالأولى أن يكون الاعتبار بالموضوع سنخا ؛ حتى يعمّ المفاهيم المخالفة والموافقة ، سواء كان الحكم بسنخه مذكورا كما في مفهوم الموافقة ، أو غير مذكور كما في مفهوم المخالفة ؛ حيث إن الحكم فيها مخالف للحكم المذكور.
والمراد بالموضوع في مفهوم المخالفة هي الحيثية التي انيط بها الحكم في المنطوق ، كالمجيء (٢) في الشرطية ، والوصف في الوصفية ، والغاية في المغيّاة ، وهكذا ، فإنّ عدم المجيء ـ وعدم الوصف وما عدا الغاية ـ غير مذكور ، لكنه تكلّف بعيد خصوصا في بعض القيود الراجعة إلى الحكم.
والتحقيق : أنّ تعدّد القضية حقيقة بمغايرتها مع الاخرى موضوعا أو محمولا أو هما معا ، والاعتبار في المنطوقية والمفهومية بمذكورية قضية مغايرة
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٩٣ / ٩.
(٢) كذا في الاصل. ولعل مراده ( كالشرط في الشرطية ) فهو ـ قدس سره ـ ناظر الى الجملة الشرطية التي ذكرها آنفا.