أنه أيضا في نفسه غير سديد ؛ إذ لا ريب في أنه عند إرادة الدخول يطلب منه ترك الدخول والخروج والبقاء جميعا ، إنّما الكلام في جواز الخروج بعد الدخول ، فالصحيح ما ذكرنا.
كما أنّ إرجاع كلامه (قدس سره) إلى لزوم رجوع الإلزام إلى الإباحة أو طلب الحاصل إنما يكون إذا اريد بغير الخروج ترك الخروج.
وعليه فطلب ترك الخروج معلّقا على إرادة ترك الخروج يلزم منه المحذور الأوّل ، وطلبه معلّقا على نفس ترك الخروج يلزم منه المحذور الثاني أيضا بلا موجب من العبارة ، ولا موجب له خارجا ؛ لعدم توقّف الحرمة قبل الدخول والجواز بعده على هذا الفرض المحال ، بل له فرض ممكن وهو ما ذكرنا ، لكنه لا يصار إليه لعدم الدليل عليه.
١٩٢ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وإن كان العقل يحكم بلزومه ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك أنّ شأن القوّة العاقلة ليس إلاّ الإدراك ـ لا البعث والزجر ـ من دون فرق بين العقل النظري والعملي ـ كما مرّ في أوّل مقدّمة الواجب (٢) ـ وحكم العقل العملي ـ من باب التحسين والتقبيح العقليين ـ لو ثبت هنا لكان الخروج حسنا فعلا ، وإن كان قبيحا طبعا ، مع أنّ لازمه جواز إعدام المقدّمة المباحة ؛ حيث لا حرمة في ظرف الدوران.
بل الحق : أن الفرار من أصل العقاب أو العقاب الزائد جبلّيّ للإنسان ـ بل للحيوان ـ ولا يدخل تحت كبرى التحسين والتقبيح العقليين من وجهين :
أحدهما : أنّ عدم الفرار من الذمّ أو العقاب ليس موردا لذمّ آخر أو لعقاب آخر.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٧١ / ٢.
(٢) التعليقة : ١ عند قوله : ( وجعل الموضوع نفس العقل .. ).