٢٠٣ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وبطريق الإنّ يحرز أنّ مدلوله أقوى ... الخ ) (١).

لا من حيث إن قوة السند أو الدلالة دليل على قوّة المدلول ؛ لأنّ قوّة الكاشف أجنبية عن قوّة المنكشف ، وليس بالإضافة إلى المدلول ومقتضيه نسبة المعلول إلى العلّة ؛ كي تكون الدلالة إنّية ، بل من حيث إنّ التعبّد بالأقوى سندا أو دلالة منبعث عن ملاك ومقتض فعلي ـ ذاتي ، أو عرضي ـ فلو لم يكن هذا الملاك أقوى لم يعقل التعبّد بخصوص الأقوى ، بل وجب التعبّد بالأضعف من حيث السند أو الدلالة لكون المقتضي للتعبّد به أقوى ، أو وجب التخيير بينهما لو لم يكن بينهما أقوى.

نعم هذا المعنى على الطريقية وجيه ؛ حيث إن مقتضى الدلالة الالتزامية في الطرفين ثبوت المقتضي فيهما ، كما مرت الإشارة إليه (٢) في مقدّمات المسألة ، ومقتضى الطريقية ـ وانبعاث التعبّد بالحكم عن المصلحة الواقعية الباعثة على الحكم الواقعي ـ كون تلك المصلحة في الأقوى دلالة أو سندا أقوى ، وإلاّ لم يعقل الانبعاث عن الغرض الأضعف.

وأما على الموضوعية فالحكم المماثل لم ينبعث عن المصلحة الداعية إلى الحكم الواقعي ، بل عن مصلحة طارئة موجودة في كلا الطرفين ، فالحكمان متزاحمان دائما ، لكنه لا بما هما وجوب الصلاة وحرمة الغصب ، بل بما هما وجوب العمل بخبر العادل والأعدل.

ومما ذكرنا تعرف : أن مقتضى المقدّمتين المتقدمتين ـ أعني الدلالة الالتزامية ، وبناء الحجية على الطريقية ـ أنه لا يكاد ينتهي الأمر إلى التعارض

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٧٥ / ٣.

(٢) في التعليقة : ٥٥ من هذا الجزء.

۵۱۰۱