والعلّية لوجوده العلمي؟! وليس المعلوم بالعرض علّة للمعلوم بالذات ؛ حتى ينافي العروض أيضا ، والعلم وإن كان متأخّرا طبعا ، لكنه عن المعلوم بالذات ، والمعلوم بالعرض وإن كان متأخّرا طبعا ، لكنه عن الفعل المتعلّق به المعلوم بالذات ، لا عن المعلوم بالذات ، فالصحيح ما ذكرنا ، فتدبّر.
١٦٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا شبهة في أن متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف ... الخ ) (١).
قد مرّ في مبحث تعلّق الأمر بالطبيعة (٢) : أنّ الموجود الخارجي لا يقوم به الطلب ، والإيجاد عين الوجود ذاتا وغيره اعتبارا ، فلا فرق بينهما في استحالة تعلّق الطلب بهما.
ومعنى تعلّق الشوق بهما ـ ما مرّ غير مرّة ـ من أنّ القوّة العاقلة كما أنّ لها قوّة ملاحظة الشيء بالحمل الأوّلي ، كذلك لها قوّة ملاحظة الشيء بالحمل الشائع ، فتلاحظ الصلاة الخارجية التي حيثية ذاتها حيثية طرد العدم ، وهي التي يترتّب عليها الغرض ، فيطلبها ، ويبعث نحوها.
ومن الواضح أن وجود الصلاة الخارجية حينئذ ليس إلاّ بفرض العقل وإحضاره ، ويكون معنى البعث به إخراجه من الفرض والتقدير إلى الفعلية والتحقيق ، فالصلاة المفروضة وإن لوحظت فانية في الصلاة الخارجية ، إلاّ أنّ الفناء لا يقتضي سريان ما يقوم بالفاني إلى المفنيّ فيه ، فانه محال ، بل الفناء يصحّح البعث نحو الفاني ، مع قيام الغرض بالمفنيّ فيه ، وليس نسبة الوجود العنواني إلى الوجود العيني نسبة الاتّحاد والعينية ؛ بأن يكون الفارق بينهما مجرّد
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٨ / ١٦.
(٢) راجع آخر التعليقة رقم : ١٢٧ من هذا الجزء عند قوله ( رحمه الله ) : ( فالتحقيق حينئذ ... ).