اتصاف الوجود العنواني بالجامعية بين الوجودات العينية وعدم اتصافها بها ، نظير اتصاف الماهية بالكلّية في مرتبة الذهن ، وعدم اتصاف اشخاصها بها في موطن التفرّد والتشخّص ، ولذا جعل الوجوب بالإضافة إلى الفعل ـ كالكلية بالإضافة إلى الماهية ـ من العوارض الذهنية ، بل نسبة الفاني إلى المفنيّ فيه ، نسبة العنوان إلى المعنون ، لا كنسبة الطبيعي إلى فرده ، فإنّ الطبيعي له موطنان ـ مع وحدته ذاتا ـ فيتّصف بالكلّية في أحد الموطنين ، وبالجزئية في موطن آخر ، بخلاف العنوان فإنّ موطنه الذهن وموطن الفرض والاعتبار ، ومطابقه موطنه الخارج ، كما هو الحال في مفهوم الوجود ومصداقه.
فتوهّم : أنّ الوجود العنواني هو الوجود العيني بحقيقته ـ وأن الجامع بذاته موجود في الخارج لا بوصف الجامعية ، نظير الطبيعي وفرده ـ غفلة واضحة على (١) أهل الفن.
وأما توهّم : أنّ نسبة الوجوب إلى الفعل كنسبة الكلّية إلى الماهية وأنه من عوارضها الذهنية.
ففيه : أن الكلية من العوارض الذهنية لأمر ذهني ، فإن عدم الإباء عن الصدق شأن المفهوم ، فإنّ الصدق شأن المفهوم ـ بما هو مفهوم ـ ولا موطن له إلاّ الذهن ، بخلاف الحكم ، فإنه إن كان بمعنى الإرادة فهي من الصفات النفسانية ، لا من الامور الذهنية ، وإن كان بمعنى البعث والزجر الاعتباريين ، فخارجيتهما بخارجية منشأ انتزاعهما ، فإنّ الإنشاء بداعي جعل الداعي خارجي ، وهو البعث الخارجي ، ولا ثبوت لمتعلّقهما إلاّ بثبوت نفس الإرادة
__________________
(١) كذا في الاصل ، ولعلها ( عند ).