اخرى لزم التسلسل ، ولا يكفي انتهاؤها إلى جهة مشتركة ذاتية ؛ لأنّ الجهة المشتركة لا تخرج عن حيثية الاشتراك والوحدة النوعية بمجرّد كونها ذاتية ، ولا محالة تكون مجعولة بجعل مصاديقها المتعددة بالعرض ، فقد انتهى الأمر ـ أيضا ـ إلى استناد الواحد النوعي في الصدور إلى المتعدّد بالشخص (١) ـ وتمام الكلام في محلّه ـ والغرض أن القاعدة المزبورة مختصّة بالواحد الشخصي ، والكلام في الواحد النوعي.
وأما مسألة المناسبة والسنخية بين العلة والمعلول ، فلا تقتضي الانتهاء إلى جامع ماهوي ؛ ضرورة أن المؤثّر هو الوجود ، ومناسبة الأثر لمؤثّره لا تقتضي أن يكون هذا المقتضي والمقتضي الآخر مندرجين بحسب الماهية تحت ماهية اخرى (٢).
أ لا ترى أنّ وجودات الأعراض مع تباين ماهيّاتها ـ لكونها أجناسا عالية أو منتهية إليها ـ مشتركة في لازم واحد ، وهو الحلول في الموضوعات ، وكذا الحلاوة ـ مثلا ـ لازم واحد سنخا للعسل والسكر وغيرهما من دون لزوم اندراج الحلاوة وموضوعها تحت جامع ماهوي ، ولا اندراج موضوعاتها تحت جامع
__________________
(١) لأن فيض الوجود كما يمرّ من الفصل إلى الجنس ، كذلك يمرّ من الشخص إلى الماهية النوعية. [ منه عفي عنه ].
(٢) قولنا : ( ومناسبة الاثر لمؤثره لا تقتضي ... إلى آخره ).
والسرّ في ذلك : أن الآثار القائمة بمؤثّراتها ليست إلاّ أعراضا قائمة بموضوعاتها كالحرارة بالنار ، وكالحلاوة بالعسل ، وليس العرض في مرتبة ذات موضوعه ومترشّحا من مقام ذاته ؛ حتى يقال : إن الحلاوة مثلا إذا كانت في مرتبة ذات العسل ، فحيثية ذات العسل حقيقة الحلاوة ، وحيثية ذات السكّر حيثية الحلاوة ؛ فلا بدّ من جامع ذاتي بين العسل والسكر ، وإذا لم يكن الحلاوة في مرتبة ذات الحلو ، بل قائمة بها ، فلا موجب لاندراج الحلاوة والعسل تحت جامع ذاتي ، فضلا عن العسل والسكر المتناسبين بالعرض. فتدبّره ، فإنه حقيق به. [ منه قدّس سرّه ]. ( ق. ط )