ليتحقّق دعوته إياه والانبعاث عنه بتصوّره بما يترتّب عليه ، فلو كان العصيان المقارن للأمر بالمهمّ ـ والمقارن لإطاعة الأمر بالمهمّ ـ شرطا لزم مقارنة البعث والانبعاث.
وفيه : ما قدّمناه في الواجب المعلّق (١) من عدم لزوم تأخّر الانبعاث عن البعث زمانا ، بل يكفي تأخّره طبعا ، والوجدان أصدق شاهد بأنّ تصوّر البعث قبل حدوثه ـ مع استمراره إلى أوّل آن حدوثه ـ يصحّح الدعوة في ذلك الآن ، فلزوم تقدمه عليه ـ ولو بآن ـ بلا ملزم ، بل قد عرفت ـ في الواجب المعلّق (٢) ـ أن تأخّر الانبعاث عن البعث ـ مع أنهما متضايفان متكافئان في القوّة والفعلية ـ غير معقول ؛ فإنّ البعث التشريعي وإن كان ـ عندنا حقيقة ـ جعل ما يمكن أن يكون داعيا وباعثا ، إلاّ أنّ مضايفه الانبعاث إمكانا ، فما لم يمكن الانبعاث لا يمكن البعث ، وبالعكس ، فالكلام الإيقاعي ـ المسوق بداعي جعل الداعي ـ لا يمكن أن يكون باعثا إلاّ حيث أمكن الانبعاث ، وهو عند الالتفات إليه وتصوّره المقارن للدعوة والانبعاث عنه.
ومما ذكرناه تبيّن وجه الإشكال في شرطية المعصية بنحو الشرط المقارن ، لا أنّ الشرط ـ حيث إنه علّة ـ فلا بدّ من تقدّمه على المعلول ؛ ليجاب بأنه وإن لم يكن من سنخ العلل بالإضافة إلى معلولاتها ، إلاّ أنه يكفي التقدّم الرتبي لو فرض بأنه من سنخها ، فإنّ توهم لزوم تقدّم العلّة على معلولها بالزمان لا ينبغي أن ينسب إلى أحد من أهل العلم ؛ ليجاب بما ذكر ، بل منشأ الاشكال ما عرفت ، كما صرّح به المصنف (قدس سره) في آخر البحث عن المعلّق (٣).
__________________
(١) كما في التعليقة : ٣٥.
(٢) التعليقة : ٣٥ ، ٣٦.
(٣) الكفاية : ١٠٢ ـ ١٠٣.