والمراد بالاستحقاق ليس إيجاب الثواب على المولى أو العقاب ، كما يشعر به لفظ الاستحقاق : حتى يناقش فيه في طرف الثواب : إما لجواز الاكتفاء بالنعم العاجلة ، أو لأنّ حقّ المولى (١) على عبده أن ينقاد له في أوامره ونواهيه ، فلا معنى لاستحقاق العبد عليه عوضا عنه. بل المراد : أن المدح والثواب على الإطاعة في محلّه ، نظير قولهم باستحقاق المدح والذمّ على فاعل القبيح والحسن ، فإنّه ليس المراد إيجاب المدح والذمّ على العقلاء ، بل المدح والذم منهم على أحد الأمرين في محلّه.

نعم ، اقتضاء الأعمال الحسنة لصورة ملائمة في الدار الآخرة ، أو اقتضاء الأعمال السيّئة لصورة منافرة في الآخرة لعلاقة لزومية بينهما أمر آخر يشهد بصحته العقل والشرع ، إلاّ أنّ الكلام في عنوان الاستحقاق عقلا المشترك بين العبيد ومولى الموالي وبين سائر الموالي. ومنشأ هذا الحكم ـ كما ذكرنا في محلّه (٢) ـ

__________________

وأما الثالث ـ فقد أشرنا [ إليه ] سابقا (أ) في بحث الطلب والإرادة ، والاستحقاق حينئذ بمعنى اقتضاء المادّة القابلة لإفاضة الصورة ، فكما نعبّر في المادّة الدنيويّة وصورها : بأنّ المادّة الكذائية بعد تمام قابليتها مستعدّة ومستحقّة لإفاضة صورة كذائية ، كذلك الصور الدنيوية موادّ للصور الاخروية ، فصحّ التعبير بالاستحقاق أيضا.

ومما ذكرنا تبيّن : أنه لا مجال لاستحقاق الثواب والعقاب ـ بناء على المبنى الأوّل والاخير ـ في الواجبات الغيرية ، حيث لا غرض للمولى فيها ، ولا فيها غرض يعود الى العبد ، ولا فيها خصوصية بتلك الخصوصية تكون مادة لصورة اخروية ، وإنما النزاع فيها يجري على المبنى الثاني ، بتوهّم أنّه إذا أتى بها بداعي أوامرها تكون معنونة بعنوان حسن ، يمدح عليها عقلا ، فيثاب عليها شرعا.

[ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).

(١) الأنسب : إما بجواز ... أو بأنّ حقّ المولى ..

(٢) كما في تعليقته ( رحمه الله ) ـ من الجزء الثاني من الحجري : ٩٧ ـ على قول الآخوند ( رحمه الله ) :

( ودعوى استقلاله بدفع الضرر المشكوك ... ) الكفاية : ٣٠٩.

__________________

(أ) وذلك في التعليقة : ١٥٤ ، ج ١ ، عند قوله : ( بل نقول : إن الفعل الناشي ... ).

۵۱۰۱