المناقشة في الوجه الثاني المناقشة الاُولى

ويرد على الوجه الثاني (١) :

أوّلاً : أنّ الإجازة وإن كانت رضاً بمضمون العقد ، إلاّ أنّ مضمون العقد ليس هو النقل من حينه حتّى يتعلّق الإجازة والرضا بذلك النقل المقيّد بكونه في ذلك الحال ، بل هو نفس النقل مجرّداً عن ملاحظة وقوعه في زمان ، وإنّما الزمان من ضروريات إنشائه ؛ فإنّ قول العاقد : «بعت» ليس «نقلت من هذا الحين» وإن كان النقل المنشأ به واقعاً في ذلك الحين ، فالزمان ظرف للنقل لا قيد له ، فكما أنّ إنشاء مجرّد النقل الذي هو مضمون العقد في زمان يوجب وقوعه من المنشئ في ذلك الزمان ، فكذلك إجازة ذلك النقل في زمان يوجب وقوعه من المجيز في زمان الإجازة ، وكما أنّ الشارع إذا أمضى نفس العقد وقع النقل من زمانه ، فكذلك إذا أمضى إجازة المالك وقع النقل من زمان (٢) الإجازة.

ولأجل ما ذكرنا لم يكن مقتضى القبول وقوع الملك من زمان الإيجاب ، مع أنّه ليس إلاّ رضاً بمضمون الإيجاب ، فلو كان مضمون الإيجاب النقل من حينه وكان القبول رضا بذلك ، كان معنى إمضاء الشارع للعقد الحكم بترتّب الأثر من حين الإيجاب ؛ لأنّ الموجب ينقل من حينه ، والقابل يتقبّل ذلك ويرضى به.

ودعوى : أنّ العقد سبب للملك فلا يتقدّم عليه ، مدفوعة : بأنّ سببيّته للملك ليست إلاّ بمعنى إمضاء الشارع لمقتضاه ، فإذا فرض‌

__________________

(١) أي الوجه الثاني من وجوه الاستدلال على كون الإجازة كاشفة ، وهو ما ذكره بقوله : «وبأنّ الإجازة متعلّقة بالعقد .. إلخ» ، راجع الصفحة ٤٠٠.

(٢) في «ف» زيادة : إمضاء.

۶۳۹۱