__________________
الوجوب ممكنا لإمكان جعله لا على تقدير ، كذلك جعل المادّة ـ بما هي ـ واجبة مطلقا ممكن بإمكان جعل الوجوب مطلقا ؛ فيمكن تقييدها بما هي واجبة بإمكان تقييد الوجوب الذي هو مبدأ العنوان ، فتوهّم استحالة التقييد لاستحالة الإطلاق مدفوع بما عرفت ، إلاّ أنّ هذا التقييد التبعي القهري بعد إصلاحه ـ بما عرفت ـ لا يجدي في مقام الرجوع إلى أصالة إطلاق الهيئة ؛ نظرا إلى أنّ تقييد المادّة متيقّن ، فلا أصالة إطلاق فيها كي تعارض أصالة إطلاق الهيئة.
والوجه فيه : أن أحد تقديري العلم بتقييد المادة فرض تقييد الهيئة ؛ لأن المفروض العلم بتقييد ذات المادّة أو بتقييدها بما هي واجبة ، فكيف يعقل سلامة إطلاق الهيئة فإنه يلزم من وجوده عدمه.
ثانيها ـ إن إطلاق الهيئة شمولي ، وإطلاق المادة بدلي ، والإطلاق الشمولي مقدّم على الإطلاق البدلي ، وهذا وإن نسبه صاحب التقريرات (أ) إلى شيخه العلامة الأنصاري (قدس سره) ، إلاّ أن المعروف منه (قدس سره) ـ كما في رسالة التعادل والترجيح (ب) ـ تقديم العام على المطلق ؛ لكون ظهور الأول تنجيزيا ؛ لأنه بالوضع ، وكون ظهور الثاني تعليقيا ؛ لكونه بمقدّمات الحكمة ، وأن التعليقي لا يعارض التنجيزي ، وهذا غير تقديم المطلق الشمولي على المطلق البدلي ، إلاّ أنه ربما يوجّه بما حاصله : أنه لا بدّ في الإطلاق البدلي ـ زيادة على كون المولى في مقام البيان ، وعدم نصب القرينة ـ [ من ] إحراز تساوي الأفراد البدلية في ترتّب الغرض عليها ، بخلاف الإطلاق الشمولي ، فإن تعليق الحكم على عدم الطبيعة كاف في ذلك ؛ لأن عدم الطبيعة عقلا بعدم جميع أفرادها ، فاذا ورد : ( أكرم عالما ) ، و ( لا تكرم فاسقا ) ، صح أن يكون الثاني بيانا لعدم تساوي أفراد الأوّل في الغرض دون العكس ؛ لأن نفس تعليق الحكم على عدم الطبيعة كاف في ذلك ، وهو غير معلّق على بيان عدم التساوي ؛ ليقال بكفاية الإطلاق البدلي ، وإلا لزم الدور.
وبالجملة : المطلق الشمولي صالح في ذاته للمانعية إلا بعد سقوط الشمولي عن الصلاحية عن المانعية.
__________________
(أ) مطارح الأنظار : ٤٩.
(ب) الرسائل : ٤٥٧.