وإذا فرض أنّ المقدّمة متقدّمة بالوجود الزماني على ذيها ، فكما أن إرادة الفاعل للمقدّمة متقدّمة على إرادته لذيها ، كذلك يجب أن يتقدّم البعث إليها قبل البعث إلى ذيها ، فإنّ إيجادها من الغير كوجودها من الغير مقدّم على إيجاد ذيها ، كوجود ذيها من الغير ، وإنّما يتّصف البعث المقدّمي بالتبعية لا من حيث التأخّر في الوجود ، بل من حيث إنّ الغاية المتأصّلة الداعية إلى التسبيب إلى إيجاد المقدّمة من الغير ، إيجاد ذيها بأسبابه من الغير ، ومن جملة أسبابه البعث إليه ، فذو المقدّمة بأسبابه كالعلّة الغائية للبعث المقدمي.

فاتّضح : أن لا تبعيّة في الوجود للبعث المقدّمي بمباديه للبعث إلى ذي المقدمة ؛ حتى يرد المحذور ، وهو تقدّم المعلول على علّته بالوجود.

وأما محذور عدم استحقاق العقاب على ذي المقدّمة بترك المقدّمة ؛ حيث لا بعث إليه في ظرفه لعدم القدرة عليه.

فيندفع : بأنّ دفع التكليف مع تمامية اقتضائه تفويت للغرض المعلوم غرضيته ، وهو خروج عن زيّ الرقّيّة ، فيستحقّ العقوبة عليه ولو لم يكن مخالفة التكليف الفعلي ، بخلاف دفع مقتضي التكليف ، كعدم تحصيل الاستطاعة وعدم الحضور. والتفصيل في محلّه.

٤٣ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( فلا محالة يكون وجوبها نفسيا ... الخ ) (١).

لا يقال : ليس التهيّؤ والاستعداد لإيجاب ذي المقدّمة من جهة اشتراط الوجوب به ، بل من حيث إن الواجب في ظرفه غير مقدور إلاّ بإتيان هذه المقدّمة قبله لو لم تكن حاصلة حاله ، فمرجع الغرض الداعي إلى إيجابها إلى توقّف الواجب عليها ؛ لانحصار مقدّمته في المأتيّ بها قبل زمانه.

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٠٥ / ٦.

۵۱۰۱