٤٢ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا ينحصر التفصّي عن هذه العويصة ... الخ ) (١).
قد عرفت (٢) : عدم كفاية الالتزام بالشرط المتأخّر عن التعلّق بالتعليق ، خصوصا في الموقّتات لانفكاك زمان الوجوب عن زمان الواجب إمّا مطلقا ، أو في خصوص الموقّتات ، فلا بدّ من تصوّر المعلّق والقول به ، ومعه فلا مجال للالتزام بشرطية المتأخّر أيضا.
وهنا مسلك آخر في دفع الإشكال : وهو أنّ الإنسان بالجبلّة والفطرة يحبّ ذاته ، ويحبّ كل ما يعود فائدته إلى جوهر ذاته ، أو إلى قوة من قواه ، فما يلائم ذاته وقواه محبوب بذاته ، وتصوّره والتصديق به تصوّر المحبوب الذاتي وتصديق به ، لا أنه علّة للحبّ ولو بنحو الإعداد ، والحبّ الكلّي يتخصّص بالجزئي ، وكذا ما هو مقدّمة لما يلائم ذاته وقواه محبوب بالتبع ، فالتوصّل ـ بما هو توصل ـ محبوب لكونه توصّلا إلى ما يلائمه بنفسه ، فهو ملائم بالتبع فهو محبوب كذلك ، لا أنّ الحبّ الذاتي مقتض أو شرط (٣) أو معدّ للحبّ التبعي ، بل بينهما التقدّم والتأخّر الطبعيان ؛ لأنّ الحبّ التبعي لا يمكن إلاّ عند الحبّ الذاتي ، ولا عكس.
__________________
العقوبة ، كذلك ترك إنقاذه غدا بترك مقدّمته المنحصرة اليوم يوجب العقاب.
ومما ذكرنا يتضح أنه لا بدّ أولا من بيان مقتض لاستحقاق العقاب على ترك ذي المقدمة حتى يتوجّه أن تركه في ظرفه مستند إلى ترك مقدّمته الآن ، وأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، لا أن نفس هذه القضية مصحّحة للعقاب على ترك ذي المقدمة بترك مقدمته. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).
(١) كفاية الاصول : ١٠٤ / ٢٢.
(٢) التعليقة : ٣٨.
(٣) قولنا : ( لا أن الحبّ الذاتي مقتض أو شرط ... إلخ ).