الإحراق ، لا أنّ الشوق إلى الإحراق بنفسه يحرّك العضلات نحو الإلقاء ؛ لبداهة أن الشوق إلى شيء لو كان محرّكا لكان محرّكا للعضلات نحوه ، لا نحو شيء آخر ولو كان مقدمته ، والشوق المتعلّق بالإحراق وإن لم يتّصف بالمحرّكية للعضلات إلى الآخر ، لكنه غير ضائر ؛ لأنّ التعريف بالمحرّك للعضلات إنما وقع في مقام بيان مبادي الحركات المترتّبة على العضلات ، لا في مقام بيان الإرادة مطلقا ، كيف؟! والشوق العقلي الباعث على تحصيل المطالب العقلية الكلية شوق وإرادة باعثة في مرتبة التعقّل ، مع أنه ليس هناك حركة العضلات وإن كان هناك حركة فكرية.

والتحقيق : أن الحب والشوق وإن كان يتعلّق (١) بالفعل التوليدي والتسبيبي ، إلاّ أنّ الإرادة ، وهي الصفة التي بها يقوم الإنسان بصدد إيجاد ما هو من أفعاله ، فلا يعقل تعلّقها إلاّ بما هو من أفعاله القائمة به ، سواء كان له مساس بقواه الباطنية كالتعقّل للعاقل ، وتصوّر المعاني الجزئية للوهم ، أو تصوّر الصور الجزئية للخيال ، او بقواه الظاهرة وبالحركات الأينية والوضعية.

وأما الإحراق : فهو مترشح من النار ، وله القيام بها قيام صدور ، وبالمحترق قيام حلول بلحاظ مبدئه ولا قيام للمعلول بمعدّه ولا بشرطه ، والقائم بالإنسان نفس الإلقاء الذي هو من حركات عضلاته ، وهو إعداد منه لوجود الحرقة ، فإيجاده لها بنحو الإعداد بإلقائه ، فهذا هو الذي يكون له بنفسه مساس بالشخص ، ويكون متعلّق قدرته وإرادته ، وليس هو في الحقيقة إلاّ الإلقاء الخاص الذي يترتّب عليه وجود الحرقة ترتّب المعلول على معدّه. فهذا هو متعلّق الإرادة لا الفعل المتولّد منه الذي ينسب إليه بنحو من النسبة ، كما ينسب إليه

__________________

(١) كذا في الأصل ، والصحيح : ( وإن كانا يتعلقان ).

۵۱۰۱