__________________
فعلا وتأخّر المعنى المعتبر ؛ إذ الاعتبار المطلق لا يوجد فلا محالة يتقوّم بمعنى الملكية ، والمفروض عدم الوجود للملكية إلا بالاعتبار أوّلا وآخرا ، فلا بدّ من تحقّق المعنى المعتبر حين تحقّق الاعتبار.
ومما ذكرنا تبين : أنه لا فرق بين الإيجاد التكويني والتشريعي من حيث اتحادهما مع الوجود المناسب لكل منهما ، فتوهّم الانفكاك في عالم التشريع ناش عن عدم الالتفات إلى وجه الاتحاد وكيفية الاعتبار ، وأنّ اعتبار الملكية وإن كان عمل النفس إلاّ أنه يفارق التصوّر واللحاظ المتعلق بموجود حقيقي في المتأخّر ، فإنه لا وجود للمعتبر هنا إلاّ هذا النحو من الوجود ، فكيف ينفكّ الإيجاد فيه عن الوجود؟!
وأمّا توهّم : لزوم الانفكاك بتقريب : أن البعث حيث إنه معلق على شرط أو مرتب على موضوع غير فعلي ، فلا بدّ من أن يكون فعلية وجوده متأخّرة ، وحيث إنه مجعول تشريعي زمام أمره بيد الشارع ، فلا بدّ من تعلّق الجعل والإيجاد به فعلا ، وإلاّ لو وجد بوجود الشرط مثلا لكان من لوازم وجوده لا من مجعولات الشارع.
فمندفع : بأنّ كونه مجعولا تشريعيا لا يقتضي أزيد من كونه موجودا بإيجاد منشئه شرعا ، ولو لا إنشاؤه بداعي جعل الدعي على تقدير خاصّ لما وجد في ذلك الفرض ، فالبعث موجود له قيام انتزاعي بمنشئه عند حصول ذلك التقدير ، وله قيام انضمامي صدورا بتبع قيام منشئه بالشارع ، وهو الإنشاء بداعي جعل الداعي على ذلك التقدير ، فهذا الايجاد والوجود الانتزاعي منسوب إلى الشارع بجعله الانشاء الخاص.
هذا كله في البعث الذي ليس حقيقة اعتبارا ابتدائيا من الشارع ، بل انتزاعي بتبع منشئه.
وأما الاعتبارات المحضة التي يعتبرها الشارع كالملكية ـ مثلا ـ فلا توجد إلا عند حصول ما جعله الشارع سببا كالعقد ، فتكون القضايا المتكفلة لحصول الملكية عند العقد : إما إخبارا عن حصول الاعتبار منه عند تحقق العقد. أو إنشاء لإظهار الاعتبار عند تحقق العقد. فتدبّر. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).