٢٣ ـ قوله [ قدس سره ] : ( قلت : المنشأ إذا كان هو الطلب ... الخ ) (١).

الأولى أن يقال (٢) : إنّ الانشاء إذا اريد به ما هو من وجوه الاستعمال ، فتخلّفه عن المستعمل فيه محال وجد البعث الحقيقي ام لا.

وإذا اريد به إيجاد البعث الحقيقي ، وهو الملازم للوجود ، فالجواب عنه : أن الإثبات ملازم للثبوت المناسب له ، وما هو الثابت فعلا هو البعث بثبوت فرضي تقديري ؛ حيث جعل المرتّب عليه واقعا موقع الفرض والتقدير ، وإثبات شيء كذلك لا يتخلّف عن الثابت بذاك النحو من الثبوت. وأما ثبوت البعث تحقيقا فيتبع ثبوت المرتّب عليه تحقيقا ، والإنشاء لا يكون مطابقا ومصداقا لإثبات البعث تحقيقا إلاّ بعد ثبوته تحقيقا ، فلا إثبات كذلك كي يلزم التخلف.

__________________

أنك قد عرفت ما هو الحق حتى على هذا المبنى. فتدبر جيّدا. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).

(١) كفاية لاصول : ٩٧ / ١٤.

(٢) قولنا : ( الأولى أن يقال ... إلخ ).

توضيحه : أن معنى اتحاد الايجاد والوجود ليس إلاّ ان الهوية الواحدة لها نسبتان : نسبة إلى فاعلها ، ونسبة إلى قابلها ، فباعتبار الاولى إيجاد الفاعل ، وباعتبار الثانية وجود القابل ، ولا يعقل تحقّق إحدى النسبتين من دون تحقّق الهوية المزبورة ، وتلك الهوية ـ سواء كانت حقيقية أو اعتبارية ـ إمّا متحققة فالنسبتان كذلك ، وإما غير متحقّقة فكذلك النسبتان ، وعليه فالإنشاء بداعي جعل الداعي كما أن نحو وجوده الإنشائي عين إيجاده ؛ حيث إنّ الإنشاء إيجاد المعنى باللفظ ، وهو نحو من استعمال اللفظ ، ويستحيل. الإيجاد الإنشائي من دون وجود المعنى الإنشائي ؛ لاستحالة الاستعمال مع عدم المستعمل فيه فعلا في مرتبة وجوده الاستعمالي ، كذلك من حيث منشئيته للبعث الحقيقي ، فإنّ إيجاد المعنى الانتزاعي بوجود منشئه ، فإيجاد البعث بوجود منشئه يستحيل انفكاكه عن وجود البعث الانتزاعي ، وكذا الأمر في الملكية الاعتبارية ، فإنّ حقيقتها عندنا عين اعتبار الملكية ، فالهوية الاعتبارية لها نسبة إلى المعتبر ، فيكون إيجادا اعتباريا منه ، ولها نسبة إلى طبيعي الملكية ، فيكون وجودا اعتباريا له ، ولا يعقل تحقّق الاعتبار

۵۱۰۱