ومن الواضح أنّ وجود ما تحقّق عدمه محال ، فالمقدّر محال ، وما رتّب عليه كذلك ، والمراد من وقوع المدخول موقع الفرض والتقدير ، نظير ما اشتهر في علم الميزان في القضية الحقيقية : من أن موضوعها ينطبق على الأفراد المحقّقة والمقدّرة ، فاذا قيل : ( كلّ إنسان ضاحك ) لا يختصّ الموضوع بما صدق عليه الإنسان محققا في أحد الأزمنة ؛ لعدم اختصاص المحمول به ، بل يعمّ كلّ ما لو وجد كان إنسانا ، فكلّ ما فرضه وقدّره العقل مصداقا لطبيعة الإنسان يراه مصداقا لعنوان الضاحك ، فليس المفروض بما هو مصداق الموضوع ، بل الفرض فرض مصداق الموضوع ؛ إذ الموضوع الحقيقي كلّ ما هو إنسان بالحمل الشائع ، وهو كما يكون محقّقا يكون مقدّرا ؛ إذ كما للعقل قوّة لحاظ الشيء بالحمل الأوّلي ، له قوّة لحاظ الشيء بالحمل الشائع بنحو المحاكاة لما في الخارج فعلا ، أو بنحو الفرض والتقدير.

ومما ذكرنا يظهر للمتأمل : أن المحكوم عليه ليس هو الأمر الذهني ، بل الأمر الخارجي المفروض ، وكذا الحال في القضايا الشرطية ، فإنّ الملازمة حيث لم تكن مختصّة بطرفين موجودين تحقيقا ، فلذا جعل المقدّم واقعا موقع الفرض والتقدير ؛ كي يعلم أنه كلما فرض المقدّم كان التالي ثابتا ، لكنه بنحو من الثبوت المناسب لثبوت المقدّم ؛ بمعنى أن فرض ثبوت طلوع الشمس فرض ثبوت لازمه ، وهو وجود النهار ، كما أن ثبوته المحقّق سبب لثبوت لازمه كذلك.

ومنه تبيّن : اندفاع توهم أن ثبوت التالي في فرض ثبوت المقدّم فعلي ؛ إذ بعد الفرض لا حالة منتظرة لثبوته فعلا ، فإنّا لا ندّعي أنّ ثبوته فعلا يحتاج إلى فرض أمر آخر كي يكون خلفا ، بل نقول : إنّ تقدير وجود المقدّم تقديره بلوازمه ، فيكون وجوده على حسب وجود مقدمه ، وإلاّ فمن البيّن أنّ النسبة الحقيقية لا تقوم بوجود تحقيقي ووجود تقديري.

۵۱۰۱