إنّ الطبيعة قد تلاحظ بنفسها فهي الكلي ، وقد تلاحظ بقيد يوجب تشخّصها ، وعدم صدقها على كثيرين ، فهي الجزئي ، وقد تلاحظ بقيد يضيّق دائرة الطبيعي ولا يشخّصه ، فهي الحصّة.

والنكرة من الثالث ، فإنّ طبيعة الرجل ملحوظة فيها بنحو عدم التعيّن والتقيّد بما يعيّنه ، بعد ما كانت في ذاتها لا متعيّنة بقيد ولا غير متعيّنة به.

والمراد من عدم التعيّن هو عدم التعيّن بقيد في مرحلة الإسناد ـ إخبارا أو إنشاء ـ فالرجل في ( جاءني رجل ) وإن كان معيّنا في الواقع ، إلاّ أنّه غير معيّن في مرحلة الإسناد ، فيكون كالرجل في ( جئني برجل ) من حيث عدم التعيّن في مرحلة الطلب.

ومما ذكر يظهر : أنّ النكرة غير مقيّدة بالوحدة مفهوما ، كما هو صريح عبارته (١) ـ قدّس سرّه ـ فيما بعد ، بل هي الطبيعة الغير المتعيّنة بمعيّن بالحمل الشائع ، لا هذا المعنى بالحمل الأوّلي.

٣٢٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وعليه لا يستلزم التقييد تجوّزا ... الخ ) (٢).

وربما يتوهّم : أنه لا يعقل التجوّز ؛ لأنّ المطلق عين المقيّد ، فإنّ القيود من أطواره وشئونه ، ولا يخفى أنّ هذا شأن الوجود وحقّه ـ لا الماهية ـ فإنّ ما به الامتياز في حقيقة الوجود عين ما به الاشتراك ـ كما برهن عليه في محلّه ـ (٣) فمراتب الوجود الحقيقي ليست عين الحقيقة المطلقة ، إلاّ أنّ الحقيقة المطلقة عين المراتب.

وهذا بخلاف الماهية ، فإنّ الماهيات متباينات ، وكلّ ماهية بنفسها تسلب

__________________

(١) الكفاية : ٢٤٧.

(٢) كفاية الأصول : ٢٤٧ / ٥.

(٣) الأسفار ١ : ٦٨ عند قوله : ( وبالجملة : الموجود العيني .. ).

۵۱۰۱