الشخصي التدريجي ، فإنّ المعاني المكتسية بكسوة الألفاظ لها نشآت أخر من الثبوت ، غير هذه النشأة التصرّمية الزمانية ، فإنّ طبيعة الألفاظ ـ كسائر الطبائع ـ لها نشآت من البروز والظهور ، ولا كلام فيها ، إنّما الكلام في وجوده التدريجي الزماني.

٣٠٥ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( هذا لو قلنا بأنّ الخطاب .. ـ إلى قوله : ـ بلسانه ... الخ (١) ) (٢).

إنّما يكون الخطاب الشخصي (٣) منه ـ تعالى ـ بلسان النبيّ ـ صلّى الله

__________________

(١) المناسب هنا حذف ( إلخ ) ، وأثبتناه لورودها في الأصل.

(٢) كفاية الأصول : ٢٣٠ / ١٨.

(٣) قولنا : ( إنما يكون الخطاب الشخصي .... الخ ).

توضيحه : أنّ الخطاب الإلهي ليس ابتداء إلى الناس بلا واسطة ، فلا محالة يكون الخطاب الإلهي على قسمين :

إما أن يكون إلى الناس بآليّة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حين الوحي ، فيكون الملقى إليه الكلام هم الناس ، وإن كان الملقى فيه الكلام قلبه المقدّس ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، وهذا لا يتصوّر إلاّ أن يكون النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حال نزول الوحي إليه مخاطبا للناس بنحو يكون آلة لخطابه ، كالشجرة لموسى ـ عليه‌السلام ـ فإنّ الشجرة وإن القي فيها الكلام ، لكنها لم يلق إليها الكلام ، بل إلى موسى ـ عليه‌السلام ـ فموسى ـ عليه‌السلام ـ هو المخاطب حقيقة ، والشجرة آلة الخطاب ، وهذا المعنى وإن كان معقولا في حقّ النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لكنه لا نظنّ بوقوعه مرّة واحدة.

وإما ان يكون الخطاب إليه بمعنى أنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ القي إليه الكلام وان كان المضمون متعلّقا بغيره ، بل الخطاب الإيقاعي ـ أيضا ـ إلى غيره. وهذا هو الصحيح.

وحينئذ فيلغو النزاع في الخطابات القرآنية ؛ إذ الخطاب الحقيقي دائما إليه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا إلى المشافهين ، والخطاب الإيقاعي الملقى إليه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا يكون منوطا بوجود المخاطب فضلا عن حضوره.

۵۱۰۱