الخطاب إلى الأصمّ الحاضر.

كما أن الحضور في مجلس الخطاب ـ بما هو حضور للجسم في مكان الخطاب ـ غير لازم ؛ لصحّة المخاطبة ـ حقيقة ـ مع النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والامام ـ عليه‌السلام ـ عن بعد ؛ لاستماعهما عن بعد كاستماعهما عن قرب ، لا مجرّد علمهما ـ عليهما‌السلام ـ به ، بل يمكن أن يقال بإحاطتهما بالمتكلّم وكلامه ، وهو كلام آخر.

فالميزان للخطاب الحقيقي ـ بما هو خطاب ، لا بما هو تفهيم مثلا ـ اجتماع الطرفين بنحو منه : إما بأن يجمعهما مكان واحد ، أو ما هو كالمكان الواحد لمكان الاستماع ـ ولو عن بعد ـ فيصحّ إلقاء الكلام عليه كما عرفت ، أو بأن يكون أحدهما محيطا بالآخر ، سواء كان المتكلّم محيطا ، كالبارئ ـ تعالى شأنه ـ عند خطابه لعباده ، وإن لم يلتفت المخاطب إلى الخطاب ، فإنّ التفاته مقوّم للتفهيم لا للخطاب ، كما في الخطاب إلى الحاضر الغافل أو إلى الجماد ، أو كان المخاطب محيطا بالمتكلّم ، كما في خطاب العباد إيّاه تعالى.

والخطاب اللفظي وإن كان متصرّما إلاّ أنّ وجوده الشخصي التدرّجي يمتنع إلقاؤه على المعدوم حال وجوده ، لا على الغائب عن محضر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إذا كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لسانه في الخطاب ، وكان مثله مثل الشجرة بالإضافة إلى موسى ـ عليه‌السلام ـ ؛ إذ لا مانع من إلقاء الخطاب منه ـ تعالى ـ إلى من أحاط ـ تعالى ـ به وإن لم يسمع ، ولم يفهم ، فإنّ إلقاء الخطاب على الأصمّ والجماد والغافل لا ينافي حقيقة الخطاب وإن كان منافيا للإفهام.

نعم ، وجود المخاطب ـ بنحو وجوده الشخصي الخارجي المقصود منه في الخطاب اللفظي ـ مقوّم للمخاطبة ، وإحاطته ـ تعالى ـ بالمعدوم بنحو آخر ، وليس كإحاطته بالموجود ، وتلك الإحاطة تصحّح نحوا آخر من الخطاب ، لا بوجوده

۵۱۰۱