الدلالة حال السند ، فكما أنّ مجيء المعارض فيه يؤكّد الحجّية ، ويكون من باب تقديم أقوى الحجّتين على أضعفهما ، كذلك فيها.

والتحقيق خلافه ؛ إذ دليل الحجّية في السند هو العموم والإطلاق فيكون المقتضي في مقام الإثبات تاما ، ودليل ترجيح الأعدل ـ مثلا ـ دليل الحجّية الفعلية في ذي المزيّة.

بخلاف الدلالة ، فإنّ دليل اعتبارها بناء العقلاء ، ولا معنى لبناءين بنحو

__________________

مولاه الذي لا يعلم بلا فحص عادة ، فإنّه ظلم على المولى. وتمام الكلام في محلّه أ.

وأمّا المقتضي في مقام الثبوت هنا وهناك ، فيقال : تارة إنّ الظهور كاشف نوعي عن المراد ، وهو المقتضي لبناء العقلاء على اتّباعه ، والمخصّص المنفصل ظهور آخر وكاشف أقوى ، فهو بمنزلة المانع ، واخرى بأنه إذا علم من حال المتكلّم أنّ بناءه على بيان مراده في مثل العمومات بظاهرين منفصلين ، فليس للظهور العمومي وحده كاشفية نوعية عن مراده الجدّي إلاّ بعد الفحص عن ظهور آخر ينافيه حتى يستقرّ كشفه عن المراد ، والملاك كاشفيته عن المراد ، لا مجرّد الظهور الاستعمالي.

كما أنه يمكن أن يقال : في الاصول العملية : تارة إنّ المقتضي لحكم العقل بقبح العقاب عدم ما لو بحث عنه لظفر به ، فالمقتضي غير تامّ.

واخرى ما مرّ آنفا : وهو أنه هنا حكمان من العقل بالنسبة إلى المولى والعبد ، ولكلّ منهما موضوع تامّ ، فعدم وصول الحجّة مقتض لحكمه بقبح العقاب من المولى على مخالفة خصوص الواقع ، وكون الحجّة ـ بحيث لا تعلم عادة إلاّ بالبحث عنها ـ مقتض لحكم العقل بإيجاب الفحص على العبد ، وإلاّ لكان ظالما على مولاه (ب) بعدم مبالاته بأمره ونهيه. [ منه قدّس سرّه ].

__________________

(أ) وذلك في المجلد ٤ من نهاية الدراية تعليقة ٢٥ على قول المصنف ( رحمه الله ) : ( أما العقل فقد استقلّ بقبح العقوبة ... الخ ). الكفاية : ٣٤٣ ، لكنّ النصّ في الكفاية ـ طبع مؤسستنا ـ هكذا : ( أما العقل فإنّه قد ... ).

(ب) كذا في الأصل.

۵۱۰۱