من الأثر ما للإنشاء بداعي البعث الحقيقي ؛ لكونه ـ باعتبار كاشفيته عن الإرادة الجدية وحجية الظهور عند العرف ـ حاملا للعبد على الفعل ، فإذا ورد كاشف أقوى سقط الأضعف عن الحجّية بمقدار المزاحمة.

نعم ، لو لم يكن إنشاءات الشارع متقوّمة بالإرادة التشريعية ـ كما بيّناه في مبحث الطلب والإرادة ـ (١) فلا بدّ أن يكون الحجّية بلحاظ كاشفية الإنشاء عن كونه بداعي البعث الجدّي والإنشاء الواحد المتعلّق بموضوع متعدّد ؛ حيث إنه بداعي البعث الحقيقي ، فيكون منشأ لانتزاع البعث حقيقة بالإضافة إلى كلّ واحد.

وأما لو لم يكن بعثا حقيقيا بالإضافة إلى بعض الأفراد ، مع كونه متعلّقا به في مرحلة الإنشاء ، فلازمه صدور الواحد عن داعيين بلا جهة جامعة تكون هو الداعي ، والحجّية وإن كانت جهة جامعة ـ لترتّبها على الكاشف عن البعث لا على المنكشف ـ لكنه بعد ورود المخصّص وانكشاف كون الداعي جعل القاعدة ـ لا جعل الداعي ـ ، والباعث لا يترتّب عليه الحجّية ولا الباعثية :

أما عدم ترتّب البعث فلأنه لم ينشأ هذا الواحد بداعي البعث ، وأما عدم ترتّب الحجّية لأنّ (٢) الحجّية متقوّمة بالكاشف عن البعث ، وقد انكشف أنّه لم ينشأ بداعي البعث في شيء من أفراده ، ولا ينقلب الإنشاء بداع من الدواعي ؛ بحيث يكون قبل المخصّص حجّة وقاعدة ، وبعده بعثا وتحريكا.

مضافا إلى أنّ الظاهر من الإنشاء كونه بداعي البعث ، لا بداعي جعل القاعدة والحجّة ، فيدور الأمر بعد ورود المخصّص بين مخالفة أحد ظهورين : إما الظهور الاستعمالي برفع اليد عنه ، مع حفظ ظهوره في كونه بداعي البعث

__________________

(١) وذلك في التعليقة : ١٥١ من الجزء الأوّل.

(٢) أي ( فلأنّ ... ) بتقدير فاء رابطة لجواب ( أمّا ).

۵۱۰۱