أو يقال : إنّ البحث جهتيّ كالبحث عن اقتضاء النهي لفساد المعاملة ، مع أنها ـ بمقتضى الأصل ، وفي حدّ ذاتها ـ محكومة بالفساد.

وأمّا دفع الإشكال الأوّل : بأنّ إتيان العمل لله ـ بطور لام الصلة ، لا الغاية ـ ممكن ويتحقّق به العبادية وإن لم يكن هناك أمر ولا ملاكه ، بل كان مبغوضا فعلا ، فلا ينافي عدم مبغوضية ذات العمل تعليما أو بداع آخر.

فمدفوع : بأنه يتّجه بالإضافة إلى العبادات الذاتية ، فإن العمل لله ـ بنحو لام الصلة ـ معناه العمل الإلهي ، ولا يعقل ذلك الا في المحسّنات الذاتية ، ومفروض الكلام في غيرها.

٢٣٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( هذا فيما إذا لم يكن ذاتا عبادة كالسجود ... الخ ) (١).

قد عرفت في أوائل المبحث (٢) وفي غيره (٣) : أنّ المراد بالعبادة الذاتية ما كان حسنا بذاته ، من دون حاجة ـ في إضافته إلى المولى ـ إلى أمر ونحوه كالسجود ، فإنّ التخضّع للمولى بالركوع والسجود أمر معقول ، مع عدم الأمر منه ، بل مع النهي عنه ، غاية الأمر أنه مع النهي لا يحصل به القرب.

فإن قلت : ملاك الأمر والنهي حسن المتعلّق وقبحه ، ولا يعقل أن يكون الحسن بالذات قبيحا بالعرض أو بالذات ، فإنّ الذاتي لا يتخلّف.

قلت : ليس المراد بالحسن ذاتا أنّ الفعل علّة تامّة للحسن ، أو العنوان الحسن من ذاتيّاته ومقوّماته ، بل المراد من الذاتي هنا أنّ الفعل لذاته ـ لا لانطباق عنوان آخر عليه ـ يكون حسنا ، وهو على قسمين : فتارة : يكون الفعل علّة تامّة للحسن ، واخرى : مقتضيا له ، فالأوّل كالعدل والإحسان ، والثاني

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٨٦ / ١٩.

(٢) في التعليقة : ٢٢٤ من هذا الجزء.

(٣) كما في التعليقتين : ١٦٦ ، ج ١. و ٥٩ ج ٢.

۵۱۰۱