عنها حتى يدخل في مسألة العبادة المنهيّ عنها ، وتحقيق الحال ما تقدّم آنفا.
ومنه يتّضح حال ما افيد في القسم الخامس حتّى بناء على الامتناع ، فإنّ الكلام في دخوله في محلّ النزاع ، لا في فساد العبادة ؛ لاتّحادها مع المنهيّ عنه وجودا ، وعدم كون النهي عن الغصب نهيا عن العبادة بديهيّ ، فتأمّل.
٢٣٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ولا يكاد يمكن اجتماع الصحّة بمعنى موافقة الأمر ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك : أنّ عدم الصحّة بهذا المعنى بديهيّ بعد امتناع اجتماع الحكمين ، بل المناسب في تحرير الاستدلال أن يقال :
إنّ صحّة العبادة ـ وتأثيرها أثرها ـ ليست إلاّ بمعنى وقوعها قربية من المكلّف ، ولا يعقل التقرّب بما هو مبغوض المولى فعلا ، وإن لم نقل بالحاجة إلى الأمر في وقوع العبادة قربية ؛ حتى يعمّ العبادات الذاتية ، فإنّ صحّتها ووقوعها مقرّبة لا يتوقّف على الأمر بها ، لكنّها تتوقّف على عدم مبغوضيتها ؛ إذ المبعّد ـ بما هو مبعّد ـ لا يكون مقرّبا.
٢٣٧ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا ضير في اتّصاف ما يقع عبادة ... الخ ) (٢).
هذا وإن كان مصحّحا لتعلّق النهي بالعبادة ؛ إلاّ أنّ الالتزام بحرمتها وإن لم يقصد بها القربة بنحو من الأنحاء في غاية الإشكال.
مضافا إلى أنّ مثلها فاسد وإن لم يتعلّق به النهي ، فلا وجه للبحث عن اقتضاء النهي للفساد إلاّ بلحاظ صحّة إتيانه عبادة مع قطع النظر عن النهي ؛ إذ لا يتوقّف التقرّب على إحراز الأمر وملاكه ، فمع النهي لا يمكن التقرّب به ولو رجاء.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٨٦ / ٨.
(٢) كفاية الأصول : ١٨٦ / ١٦.