فكيف يصدر محبوبا ومطلوبا؟! أم كيف يصدر إطاعة بعد صدوره بعينه معصية؟! أم كيف يقع مقرّبا مع صدوره مبعّدا؟!

فجميع محاذير اجتماع الأمر والنهي موجودة هنا ، فالأقوى ـ حينئذ ـ عدم وجوب الخروج لا نفسيا ولا مقدميا ، بل يقع مستحقا عليه العقاب وإن لم يكن للمكلّف مناص ـ في مقام الدوران بين الغصب دائما أو الغصب بمقدار الخروج ـ عن اختيار الغصب الخروجي ؛ دفعا للأفسد بالفاسد ، وللأقبح بالقبيح ، كما سيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ بعض الكلام فيه ، فتدبّر جيّدا.

١٩١ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وإلاّ لكانت الحرمة معلّقة على إرادة المكلّف ... الخ ) (١).

حيث إن الخروج واحد زمانا ، ولا يمرّ عليه زمانان ، ففرض خروجه عن المبغوضية غير معقول ، بل لا بدّ من فرض حرمته على تقدير ، وجوازه على تقدير آخر ؛ بأن يقال بحرمته على تقدير إرادة الدخول ، وبجوازه على تقدير إرادة نفسه كما هو بعد الدخول.

وهذا التعليق بلا موجب ، ومع عدم الموجب غير صحيح ، فالمراد من قوله ( رحمه الله ) : ( لغيره ) هو الدخول ، كما أنّ ضمير ( له ) عائد إلى الخروج ، فإنه محلّ الكلام منعا وجوازا.

وأما إرجاع الضميرين في ( لغيره ) و ( له ) إلى الدخول ـ حتى ينتج تعليق حرمة الخروج على إرادة غير الدخول وهو تركه ، وجواز الخروج على إرادة الدخول ؛ ليكون حاصله تحريم الخروج عند ترك الدخول ، وتجويزه عند الدخول ـ فغير صحيح ؛ لأنّ الدخول لا أثر له في الكلام حتى يرجع إليه الضميران ، بخلاف الخروج الذي هو محلّ الكلام من حيث الحرمة والجواز ، مع

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٦٩ / ١٢.

۵۱۰۱