بل التحقيق هنا أنّ الحركات الخاصّة ـ كما مرّ ـ معدّات للكون في خارج الدار المضادّ للكون فيها ، فهي مقدّمة للملازم لترك الغصب ، لا لنفس الترك.

فإن قلت : التلازم لا يكون إلاّ بالعلية والمعلولية أو المعلولية لثالث ، فنفي علّية ترك الضدّ لفعل ضده ، وبالعكس مع نفي سببية (١) سبب وجود الضد لترك الضد لا يجتمعان ، بل لا بد من الالتزام باحدهما تحقيقا للتلازم.

قلت : أوّلا ـ إن المعلولية لثالث لا تقتضي الاشتراك ؛ بحيث يكون المعدّ لأحدهما معدّا للآخر ، بل إرادة الكون في خارج الدار ـ لغلبة مقتضيها على مقتضي إرادة البقاء ـ ملازمة لعدم إرادة البقاء ، ويكون عدم تأثير أحد المقتضيين شرطا لتأثير المقتضي الآخر ، وأما قوّة أحد المقتضيين بالإضافة إلى الآخر فذاتية له.

وثانيا ـ إن التلازم هنا لكون الضدّين لا ثالث لهما ، فوجود أحدهما ـ ولو قهرا ـ ملازم لعدم الآخر ، فوجود أحدهما يستند إلى سببه الطبيعي قهرا ، وعدم الآخر إلى عدم سببه.

وربما يتخيّل : أنّ الخروج لا مقدّمية له قبل الدخول ؛ ضرورة إمكان ترك الغصب بجميع أنحائه من دون توقّف على الخروج ، وله المقدمية بعد الدخول ؛ لأنه يضطرّ في ترك الغصب الزائد إلى ارتكاب مقدار الخروج ، فالخروج حيث إنه غصب ، فقد طلب تركه قبل الدخول ، وحيث إنه مقدّمة بعد الدخول ، فقد طلب فعله بعد الدخول.

وفيه : أنّ فرض الخروج فرض المقدّمة ، غاية الأمر أن ترك الدخول حيث إنه عدمي ، فهو مقدّمة حاصلة ، والخروج حيث إنه فعل متأخّر ، فهو مقدّمة غير حاصلة ، فوجود المقدّمة أمر ، والمقدّمية في حدّ ذاتها أمر آخر.

__________________

(١) كأن الكلمة في الأصل ( سببيته ... ) والصحيح ما أثبتناه.

۵۱۰۱