الطبيعة ـ بما هو ـ غير مقدور ؛ حيث لا يمكن تطبيقه في الخارج على أمر مقدور ، فكون وجود الطبيعة مقدورا يصحّح تعلّق التكليف بصرف وجود الطبيعة ، لا أن الطبيعة المقدورة بهذا العنوان مأمور بها ، حتى لا يعمّ الفرد الغير المقدور.
ومنه يتّضح : أنّ إتيان الفرد في الخارج بداعي الأمر بمجرّد وجود الطبيعة لا مانع منه ؛ لأنّ الأمر لا يتعلّق ـ ولو بالواسطة ـ بالفرد ، فالمقدور وغيره في عدم تعلّق الأمر به على حدّ سواء ، بل المقدور وغيره في فرديته لما تعلّق به الأمر ـ وهو وجود الطبيعة ـ على نهج واحد.
نعم لو كانت القدرة شرطا شرعيا ، أو كان الأمر متعلّقا بالطبيعة التي تسع الأفراد ، كان الفرد الغير المقدور خارجا عن دائرة الطبيعة المأمور بها ، وأما مع فرض عدم لحاظ الكثرات والمميّزات ـ في مقام الأمر بوجود الطبيعة ـ فشمول وجود الطبيعة لفرد دون فرد خلف واضح.
وعليه فالداعي إلى إتيان الفرد المتّحد مع الغصب تعلّق الأمر بوجود الطبيعة التي لا شكّ في فردية هذا الفرد لها ، وقد عرفت سابقا (١) : عدم سريان الأمر إلى الأفراد حتى مع لحاظ وجود الطبيعة عنوانا فانيا في وجودها الحقيقي ، بل تطبيق المأمور به على الفرد المأتيّ به هو الداعي إلى إتيان الفرد في المقدور وغيره ، فتدبر.
وأما نقض الغرض : فإن اريد أنّ البعث نقض للزجر وإيجاد لمعانده من حيث التضادّ ، فقد عرفت عدم التضادّ.
وإن اريد أنّ البعث نقض للزجر من حيث الامتثال ، وأنه سدّ لباب امتثال الزجر ، ففيه ما عرفت : أن الأمر لم يتعلّق من قبل المولى إلاّ بما لا مناقضة له من حيث الامتثال مع النهي ؛ لتعلّقه بصرف وجود الطبيعة ، لا بما يسع هذا
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ١٢٧ خصوصا عند قوله : ( فالتحقيق حينئذ .. ).