نحن فيه ، فإن اجتماع الأمر والنهي المبحوث عنه هنا لا يتوقف عليه ، كما هو واضح.

فاتضح من جميع ما ذكرنا : أنّ البعث والزجر ليسا من الأحوال الخارجية ، بل من الأمور الاعتبارية ، وأنّ متعلّقهما ليس من الموجودات العينية ، بل العنوانية ، وأنّ الوحدة المفروضة ليست شخصية ، بل طبيعية ، فلا موجب لتوهّم اجتماع الضدّين من البعث نحو شيء والزجر عنه.

ومما ذكرنا تبيّن أيضا : أنّ مناط عدم الامتناع ليس تعدّد المتعلّق اعتبارا لتعدّد عنوان المأمور به والمنهيّ

عنه ـ كما هو مسلك جماعة من المجوّزين ـ بل ما ذكرنا صحيح حتى مع وحدة العنوان ، والغرض رفع التضادّ ، وإن كان لازم توجّه البعث والزجر أو توجه بعثين نحو عنوان واحد محذورا آخر ، كما مرّ في مقدّمة الواجب (١) ، وسيجيء (٢) إن شاء الله تعالى.

وأما الاستدلال على عدم تعلّق البعث والزجر بالهوية الخارجية بدعوى : أنّ الفعل بوجوده الخارجي يسقط البعث والزجر ، فكيف يكون معروضا لهما؟! لمباينة العروض ـ المساوق للثبوت ـ مع السقوط ، فقد مرّ ما فيه في مبحث الترتّب (٣) ؛ حيث إنّ الفعل لو كان مسقطا للبعث لزم علّية البعث لعدم نفسه ، بل ينتهي أمد البعث بوجود المبعوث إليه ، والبعث حال الإطاعة والعصيان موجود ، وإلاّ لسقط بغير الإطاعة والعصيان.

وقد مرّ الجواب (٤) عما قيل من ترتّب السقوط على الثبوت ترتّبا طبعيا لا

__________________

(١) وذلك في التعليقة : ٢٢٩ من الجزء الأوّل.

(٢) لاحظ التعليقة : ١٧١ من هذا الجزء.

(٣) وذلك في التعليقة : ١٢١ من هذا الجزء من قوله : ( نعم هنا إشكال آخر ... ) إلى آخر التعليقة.

(٤) نفس التعليقة السابقة عند قوله : ( وسقوطه بالعصيان والإطاعة ... ).

۵۱۰۱