باعتبار الالتفات إلى حرمته من قبل.
١٦٤ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( مع صدوره حسنا لأجل الجهل ... الخ ) (١).
هذا يصلح تعليلا لعدم صدوره قبيحا ومبعّدا ، لا لصدوره حسنا ، بل صدوره حسنا إنما يكون إذا كان الداعي إليه حسنه ومحبوبيته ، أو مصلحته العائدة إلى المولى أو الباعثة إلى أمره ، وأما إذا كان الداعي إليه أمره الغير المحقّق بالفعل ـ على الفرض ـ فلا يصدر قربيا ، فما لم يكن قصد التقرّب عن تلك الجهة الموجبة للقرب حقيقة ، لا معنى لصدوره قربيا.
وقد مرّ في محلّه (٢) : أن مجرّد اشتمال الفعل على المصلحة لا يجعله عبادة ، بل لا بدّ من إضافته إلى المولى ليستحقّ به الأجر منه.
نعم يمكن أن يقال : إنّ الداعي وإن كان الأمر الغير المحقّق بالفعل ـ على الفرض ـ إلاّ أنه لا يدعو عادة إلاّ بلحاظ كشفه عن إرادة المولى وحبّه وملاءمة الفعل لغرضه ، فالأمر بما هو غير داع ، بل بما هو مرآة لإرادة المولى ورضاه ، فتدبّر.
وربما تصحّح العبادة ـ حينئذ ـ بإمكان تعلّق الأمر بها بعنوان لا يعمّه إطلاق دليل حرمة الغصب ـ مثلا ـ فإنّ عنوان معذورية المكلّف عقلا في مخالفة حرمة. الغصب عن قصور لا يعمّه إطلاق دليل حرمة الغصب لتأخّره عن التكليف ، فلا بأس بجعل حكم آخر على هذا المورد فيكون الصلاة المتحدة مع الغصب المعذور في مخالفة حكمه مأمورا بها فعلا ، نظير الإباحة الظاهرية
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٧ / ٢.
(٢) في التعليقة : ١٦٦ من الجزء الأوّل عند قوله : ( وأما الإتيان بداعي المصلحة ... ).