المندوحة وعدمها بناء على تعلّق الأمر بإيجاد الطبيعة من دون لحاظها فانية في أفرادها ، بل بمجرّد الفناء في حقيقة الوجود من دون لحاظ الكثرات ، فإن الوجود المضاف إلى الطبيعة هكذا مقدور بالقدرة على فرد في الخارج ، دون ما إذا لم يكن مقدورا بوجه أصلا.

نعم يمكن أن يقال بعدم لزوم التقييد بالمندوحة من طريق آخر : وهو أنه لو كان تعدّد الوجه مجديا في تعدّد المعنون لكان مجديا في التقرّب به من حيث رجحانه في نفسه ، فإن عدم المندوحة يمنع عن الأمر لعدم القدرة على الامتثال ، ولا يمنع عن الرجحان الذاتي الصالح للتقرّب به ، فكما أنّ تعدّد الجهة يكفي من حيث التضادّ ، كذلك يكفي من حيث ترتّب الثمرة ، وهي صحّة الصلاة ، فلا موجب للتقييد بالمندوحة ، لا على القول بالتضادّ ؛ لكفاية الاستحالة من جهة التضادّ في عدم الصحة ، ولا على القول بعدم التضادّ ؛ لما عرفت من كفاية تعدد الجهة من حيث التقرّب ايضا ، فتدبّر.

١٥٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وأنت خبير بفساد كلا التوهمين ... الخ ) (١).

توضيح القول فيه : أنّ معنى تعلّق الأمر بالفرد إن كان تعلّقه به بما له من اللوازم المفرّدة للطبيعة ، بحيث يكون المفردات داخلة في المطلوب ، لا لازمة للمطلوب ، فربما يتوهّم عدم جريان النزاع ؛ لأنّ المكان المغصوب مشخّص ومفرّد للصلاة ، فهو مقوّم للمطلوب ، وليس لها بما هي متشخّصة بالمغصوب وجه محبوب ، بخلاف ما إذا تعلّق الأمر بوجود الطبيعة ، فإنّ المغصوب وإن كان مفرّدا لها ، لكنه غير داخل في المطلوب ووجود الصلاة ـ بما هي صلاة ـ له وجه محبوب.

ومما ذكرنا تبين : أنّ تعدّد الوجه والعنوان إنما يكفي إذا لم يؤخذ أحد

__________________

(١) كفاية الاصول : ١٥٤ / ١٠.

۵۱۰۱