ومن الواضح أن تعدّد القضية بتعدّدها موضوعا ومحمولا أو موضوعا فقط ، أو محمولا فقط ، وهو من القضايا التي قياساتها معها ، وليست مسائل العلم إلاّ القضايا المشتركة في غرض واحد ، فصيغة الأمر مع وحدتها موضوع لمحمولات متعدّدة ، فتعدّد القضايا بتعدّد المحمولات ، وتعدّد وسائط ثبوت تلك المحمولات لموضوعها ـ أعني وضع الواضع وجعل الجاعل ـ لا يوجب تعدّد المسائل ؛ لكونها أجنبية عمّا يتقوّم به القضية موضوعا ومحمولا ، كما أنّ وحدة الواسطة في ثبوت محمولات متعدّدة لموضوعات متعدّدة لا تقتضي وحدة المسألة.
ومما ذكرنا تبيّن أنّ اقتضاء تعدّد الوجه والعنوان لتعدّد متعلّق الأمر والنهي وعدمه وإن كان هو الباعث على عقد مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ، لكنه لا يتقيّد به موضوع المسألة ، بل موضوع المسألة اجتماع الأمر والنهي ، ومحمولها الجواز والامتناع وان كان مناط الجواز تعدّد المتعلّق بتعدّد الوجه والعنوان ، ومناط الامتناع عدم التعدّد بتعدّد الوجه والعنوان ، ولا واقع لموضوعية موضوع لمحمول ، إلاّ كونه بعنوانه مأخوذا ـ في مقام تحرير المسألة وتقريرها ـ موضوعا للمحمول المثبت له والمنفي عنه ، وتحرير المسألة ـ قديما وحديثا ـ على النهج المحرّر في العنوان في الكتاب وغيره.
١٥٣ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لا ضير في كون مسألة واحدة ... الخ ) (١).
قد عرفت في أوائل التعليقة (٢) : أنه ليس في المسائل المعنونة في هذا العلم غالبا ما يكون له جهات متكثّرة ـ أي اغراض مترتّبة عليه ـ بحيث يكون جهة من جهاته هنا باعثة على البحث عنه ، فإنّ عنوان هذه المسألة ـ مثلا ـ لا يعقل أن يترتّب عليه الغرض من علم الفقه ؛ إذ ليس البحث فيه عن فعل المكلّف من
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٢ / ٨.
(٢) التعليقة : ٣ من الجزء الأوّل عند قوله : ( فلعلّ الوجه فيه ... ).