لأنّ التشكيك في الماهية أو في وجودها غير جار في كلّ المقولات ، بل في بعضها ، فضلا عن الاعتباريات ، بل اختلاف قول الطبيعة في الامور الانتزاعية تابع لمنشا انتزاعها ، فان كان يصح في منشئه صحّ فيها ، وإلا فلا.
ومن الواضح : أن التخيير بين تسبيحة واحدة والثلاث ليس كذلك ؛ إذ بلحاظ طبيعة التسبيحة اللفظية من حيث إن اللفظ غير قارّ ، فله نحو من الاتصال في وجوده التدريجي ما لم يتخلّل العدم بين نحو وجودها لا تكون الثلاث فردا واحدا إلاّ إذا اتصلت الثلاث بحيث لا يتخلّل بينها سكون ، مع أنه لا يعتبر فيها ذلك شرعا ، فهناك وجودات من طبيعة التسبيحة ، فلا تشكيك مع تعدّد الوجود.
وأما بلحاظ انطباق عنوان على الواحدة والثلاث فقد عرفت (١) ما فيه ؛ إذ لا تشكيك ولا اشتداد في الأمور الانتزاعية والعناوين الاعتبارية ـ بما هي ـ وقد عرفت (٢) حال منشئها ، ومنه تعرف حال غيره من موارد التخيير.
وأما توهّم : عدم إجداء التشكيك للزوم استناد الغرض إلى الجامع بين الأقلّ والأكثر ، لا إليهما بما هما أقلّ وأكثر لتباينهما : إما من حيث مرتبة الماهية ، أو من حيث مرتبة الوجود ، خصوصا على مسلكه (قدس سره).
فمدفوع : بأنّ الحقّ جريان التشكيك في وجودات تلك المقولات لا في ماهياتها ، فلا محذور ، لا من حيث إنّ الوجود بسيط يكون ما به الافتراق فيه عين ما به الاشتراك ، فلا يلزم من استناد الغرض الواحد سنخا إلى مرتبتين من وجود مقولة واحدة استناده إلى المتباينين ، بل لأنه لا ينافي التخيير العقلي ؛ لاندراج المرتبتين تحت طبيعة واحدة ، وهو ملاك التخيير العقلي ، وإلاّ فالاختلاف في المراتب ملاك اختلاف الآثار والأحكام ، فالمترتبة من حيث إنها مرتبة لا دخل لها في الغرض ،
__________________
(١ و ٢) في نفس هذه التعليقة.