توضيحه : أن طبيعة الشوق من الطبائع التي لا تتعلّق إلاّ بما له جهة فقدان وجهة وجدان ؛ إذ لو كان موجودا من كل جهة لكان طلبه تحصيلا للحاصل ، ولو كان مفقودا من كل جهة لم يكن طرف يتقوّم به الشوق ، فإنه كالعلم لا يتشخّص إلاّ بمتعلّقه ، بخلاف ما لو كان موجودا من حيث حضوره للنفس ، مفقودا من حيث وجوده الخارجي ، فالعقل يلاحظ الموجود الخارجي ، فإنّ له قوة ملاحظة الشيء بالحمل الشائع ، كما له ملاحظة الشيء بالحمل الأوّلي ، فيشتاق إليه ، فالموجود بالفرض والتقدير مقوّم للشوق ، لا بما هو هو ، بل بما هو آلة لملاحظة الموجود الحقيقي ، والشوق يوجب خروجه من حدّ الفرض والتقدير إلى الفعلية والتحقيق ، وهذا معنى تعلّق الشوق بوجود الطبيعة ، لا كتعلّق البياض بالجسم حتى يحتاج إلى موضوع حقيقي ، ليقال : إن الموجود الخارجي لا ثبوت له في مرتبة تعلّق الشوق ، ولا يعقل قيام الشوق بالموجود الخارجي ، كيف؟! والوجود يسقطه ؛ لما عرفت من اقتضاء طبيعة الشوق عدم الوجدان من كل جهة.

١٢٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الاحكام ... الخ ) (١).

وجه المشابهة في مجرد عدم النظر إلى الافراد بمفرداتها ، وإن كانت الطبيعة تفترق عن غيرها ؛ بأن الموضوع فيها هي الطبيعة الكلية من حيث هي كلية ، بخلاف متعلق طلب الوجود ، فانها الطبيعة بما هي ، فلا يكون قولنا : ( الصلاة واجبة ) جاريا مجرى قولنا : ( الإنسان نوع ) ، ولذا قال (قدس سره) : ( في غير الأحكام ) ، وقد عرفت آنفا (٢) معنى تعلّق الطلب بالطبيعة ، لا بالموجود الخارجي ـ بما هو موجود خارجي ـ فلا تخلط.

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٣٨ / ١٥.

(٢) آخر التعليقة : ١٢٧.

۵۱۰۱