اللغوية ، وهي مسلمة فيما إذا كان نفس الفعل غير مقدور كالطيران إلى السماء ، وأما إذا كان نفسه مقدورا فلا يلزم اللغوية ؛ إذ يكفي في ثمرة وجود الأمر أنه لو أراد المكلّف عصيان الواجب المعيّن يقدر على إطاعة هذا الأمر.
مدفوع : بأنّ الأمر إذا كان بداعي جعل الداعي ـ كما هو محلّ الكلام ـ ولم يكن مرتّبا على عصيان الأمر بالمعيّن ، فلا محالة يجب أن يكون بالفعل صالحا للدعوة مع دعوة الآخر ، ولا يعقل دعوتهما معا ، ولذا أطبق المحققون على عدم إمكان الأمرين المطلقين بضدّين ، مع أنّ هذه الثمرة موجودة ، وهي أنّ المكلّف لو عصى أحدهما يقدر على إطاعة الآخر.
وإن لم يرجع الأمر بالموسّع إلى أحد الوجوه ، بل إلى الأمر بصرف الطبيعة ، مع قطع النظر عن الخصوصيات والمميّزات ـ وبعبارة اخرى : عن المفرّدات ـ فالفرد المزاحم غير ملحوظ ـ لا بالذات ولا بالعرض ـ ولا محدّدا للطبيعة ، ويكون معنى الأمر بها والقدرة عليها هو الأمر بوجودها المقدور عليه بالقدرة على تطبيقها على أفرادها ، فتطبيقها على الفرد المزاحم بسوء اختياره لمكان ترك الواجب المضيّق لا ربط له بتعلّق الأمرين بضدّين ؛ إذ مع عدم لحاظ المفرّدات بوجه من الوجوه لا تعلّق للأمر بضدّ الواجب المضيّق بوجه من الوجوه ، وتمام الكلام فيه سيجيء (١) ـ إن شاء الله تعالى ـ في مبحث اجتماع الأمر والنهي.
لكنه مع القول بهذا المبنى يشكل هنا أيضا : بأنّ الطبيعة حيث إنّ أفرادها هنا طولية فليس في زمان المضيّق لطبيعة الموسّع فرد غير مزاحم ؛ حتى يقال : لا نظر إليه ، بل إلى صرف الطبيعة الغير المزاحمة بنفسها ، فإنها حينئذ منحصرة في
__________________
(١) التعليقة : ٢٠٢.