المقام ، فالواجب بحكم الملازمة العقلية هو الشيء لا بذاته ، بل بما هو توصّل إلى واجب آخر. ولذا اعتبرنا سابقا قصد التوصّل في وقوعه على صفة الوجوب ومصداقا للواجب ، ولا ينافي هذا كون الواجب المقدمي هو المقدمة بالحمل الشائع ، لا عنوانها الصادق على نفسها بالحمل الأوّلي ؛ إذ المقصود وجوب حقيقة التوصّل بما هي ، لا ذات الوضوء بما هو حركة خاصة ، فالمقدّمة حقيقة هو الوضوء فقط ، إلاّ أنّ الوضوء ـ من حيث إنه بالحمل الشائع مقدّمة ـ واجب ، وهذه الحيثية ملحوظة في الموضوع عقلا.
٩٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( وثانيا لا يكاد يلزم الاجتماع ... الخ ) (١).
إن قلت : عدم الاجتماع ليس إلاّ من ناحية الامتناع ، وهو مناف للتنزّل.
قلت : يمكن دعوى عدم الاجتماع بغير ملاك امتناع اجتماع الأمر والنهي ، بل بملاحظة أن الإيجاب لا يتعلّق بالممتنع ، والممتنع شرعا كالممتنع عقلا لو لم نقل بوجوب المقدّمة أصلا.
ومن الواضح : أنّ الواجب من الطريق الحرام لا يمكن امتثاله شرعا ، إلا
__________________
الحج فان الحركة الواحدة لها عنوان الغصب ، وعنوان السير إلى الحج.
ويندفع : بأنّ المقدمة : تارة شرعية ، واخرى عقلية أو عادية :
ففي الاولى ـ يصحّ الاعتراض ؛ حيث إن الوضوء ليس بما هو وضوء غصبا ، بل بما هو حركة في فضاء الدار المغصوبة ـ مثلا ـ فالحركة لها عنوان واجب وهو الوضوء ، وعنوان محرّم وهو الغصب.
واما في الثانية ـ فذات المقدّمة لا عنوان لها عقلا أو عادة ، بل بذاتها واجبة لأجل المقدّمية ، فركوب الدابّة بما هو ركوب الدابة التي هي للغير غصب ، وهو بنفسه مقدّمة فهو واجب ، فالركوب الواجب معنون عنوان الغصب ، لا أن عنوان الركوب وعنوان الغصب متصادقان على شيء واحد ، بل ذات الركوب مقدّمة ، وهو معنون عنوان الغصب. فتدبر. [ منه قدّس سرّه ].
(١) كفاية الاصول : ١٢٥ / ١.