الفعل إلاّ عدمه ونفيه ، والترك نقيض للفعل ، حيث إنه رفع له ، وهكذا الأمر في الوجود والعدم ؛ إذ لا معنى للعدم إلاّ سلب الوجود ورفعه ، لا أن نقيضه منحصر في اللاوجود.
٨٦ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لكنه متحد معه عينا وخارجا ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك أن شيئا من المفاهيم السلبية العدمية لا ينتزع من الامور الوجودية بما هي وجودية ، وإلا لا نقلب ما حيثية ذاته طرد العدم الى ما يقابله ، فلا يعقل اتحاد معنى عدمي مع أمر ثبوتي عيني في الوجود بأن يكون مطابق أحدهما عين مطابق الآخر ؛ لأنّ المقام ليس من قبيل إيجاب السلب أو السلب العدولي (٢) ، بل من قبيل السلب التحصيلي.
والبرهان على الاتحاد والصدق : بأن الشيء لا يخلو عن المتقابلين بتقابل السلب والإيجاب ، فإذا لم يصدق على الفعل عنوان الترك ، صدق عليه اللاترك ، وهو النقيض الاصطلاحي.
مخدوش : بأنّ عدم صدق الترك لا يقتضي صدق اللاترك ولا يخرج به عن المتقابلين ، بل عدم صدق الترك عليه هو معنى السلب المقابل للترك ، وإلاّ فحيثية الثبوت لا يعقل أن تكون عين حيثية النفي.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٢٢ / ٢.
(٢) لأن الكلام في مجرّد التقابل بالسلب والإيجاب ، ويكفي فيه رفع الشيء بالسلب التحصيلي ـ الذي ملاكه نفس رفع الشيء ، لا رفع شيء عن شيء أو إثبات رفعه له ـ فكما أن ترك الصلاة ـ مثلا ـ لا يقتضي إلا عدم تحقّق الصلاة لا صدق العدم على شيء كذلك ترك ترك الصلاة لا يقتضي إلاّ عدم الترك ، لا صدق عدم الترك على شيء ليلزم اتحاد معنى عدمي مع وجودي وعينيته له.
ومنه يعلم : أن رفع الشيء باعتبار السلب التحصيلي نقيض لما يقابله وهو ثبوت الشيء ، فلا ينافي أن يكون باعتبار ايجاب السلب الداخل في الموجبة السالبة المحمول نقيضا لسلبها