بل يستحيل خلافه ، فإنّ الإنسان إذا اشتاق إلى فعل الغير عن اختيار ، فلا محالة يريد إرادة الغير له كسائر المقدّمات بلا فرق ، والشوق إلى إرادة الغير لا مانع منه ، وإنما لا يمكن البعث نحو الإرادة ؛ لأنّ المفروض ترتّب الغرض على الفعل الصادر عن إرادة ، وفي مثله لا يعقل البعث نحو الإرادة ؛ إذ البعث جعل الداعي إلى فعل الغير ، ومعناه صيرورته داعيا لإرادته الفعل ، فالإرادة حينئذ مقومة للانبعاث بالبعث ، ومثلها لا يعقل أن يكون مبعوثا إليه ، وسيجيء (١) تتمة الكلام في شرح ما افيد في المقام.
ومثل هذا المانع غير موجود في تعلّق الشوق بإرادة الغير من حيث كونها من مقدّمات المطلوب واقعا ، فيكون البعث المقدّمي المتعلّق بما عدا الإرادة كالبعث النفسي المتعلّق بما عدا القربة في التعبّديات ، بل ما نحن فيه أولى ؛ لأنّ البعث النفسي بنفسه مقدّمة لحصول الإرادة وإن لم تكن مبعوثا إليها ، فالمولى يحصل غرضه المقدمي بجعل البعث النفسي باعثا إلى الفعل الموجب لتحقّق الإرادة ، فلا حاجة إلى البعث المقدّمي إلى الإرادة ، وبجعل البعث المقدّمي نحو بقيّة المقدّمات كلّيّة.
وأما في مرحلة الواقع فجميع المقدّمات مرادة بإرادة واحدة لغرض الوصول إلى ذيها ، ووحدة البعث وتعدده لا ينافيان وحدة الإرادة الجدية ، كما في أجزاء الواجب النفسي إذا بعث نحو كلّ واحد واحد بخصوصه.
٧٢ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( لعدم كونها بالاختيار وإلاّ لتسلسل ... الخ ) (٢).
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ٧٢.
(٢) كفاية الاصول : ١١٧ / ١.