ويمكن أن يقال ـ أيضا ـ : حيث إن المعلول متعلّق للغرض الأصيل ، فلا محالة تكون علّته التامّة متعلّقة للغرض بالتبع ؛ حيث إنها علّة ومحصّلة لغرضه الأصيل ، لا كلّ ما له دخل وإن لم يكن محصّلا للغرض الأصيل ، فإنّ وجوده وعدمه مع عدم الغرض الأصيل على حدّ سواء ، فالعلّة التامّة هي المرادة بتبع إرادة المعلول ، وكما أن الإرادة المتعلّقة بالمعلول واحدة وإن كان المعلول مركّبا ، كذلك الإرادة المتعلّقة بالعلّة التامّة واحدة وان كانت العلّة مركبة.
وكما أن منشأ وحدة الإرادة في الأوّل وحدة الغرض ، كذلك المنشأ في الثاني وحدة الغرض ، وهو الوصول إلى المعلول.
وكما أنّ إتيان بعض أجزاء المعلول لا يسقط الإرادة النفسية المتعلّقة بالمركّب ، بل باقية إلى آخر الأجزاء وإن كان يسقط اقتضاءها شيئا فشيئا ، كذلك الإرادة الكلية المتعلّقة بالعلّة المركّبة لا تسقط إلا بعد حصولها الملازم لحصول معلولها ، وان كان يسقط اقتضاؤها شيئا فشيئا.
وكما أن أجزاء المعلول لا تقع على صفة المطلوبية إلاّ بعد التمامية ، كذلك أجزاء العلّة لا تقع على صفة المطلوبية المقدّمية إلاّ بعد التمامية ، لوحدة الطلب في كليهما ، ومنشؤها وحدة الغرض.
فان قلت : إذا جعلت إرادة المعلول من أجزاء العلة صحّ الوصول إلى الغرض الأصيل ، إلاّ أنّ تعلّق الأمر المقدّمي بالإرادة غير معقول ـ كما سيأتي في المتن (١) ـ وإلاّ فلا يترتّب على مجموع المقدّمات الوصول إلى الغرض الأصيل ؛ لإمكان الإتيان بها مع عدم إرادة ذيها.
قلت : إرادة ذيها من أجزاء العلّة ، وتعلّق الإرادة التشريعية بها لا مانع منه
__________________
(١) الكفاية : ١١٦ ـ ١١٧ عند قوله : ( قلت : نعم وإن استحال ... ) انظر التعليقة : ٧٢ فإنها توضح المطلوب.