هذا هو الجواب الثاني (١) من الجوابين اللذين أجاب بهما العلامة المحقّق الأنصاري ـ قدّس سرّه ـ في كتاب الطهارة (٢) بأدنى تغيير. كما أنّ الجواب الأوّل يوافق جوابه الأوّل (٣) بعض الموافقة ، وإن كان المظنون رجوع ما في كلامه (قدس سره) إلى رجحان الطهارات ذاتا والاكتفاء بالأمر الغيري لقصد ذاك العنوان الراجح.
ولا يخفى عليك : أنه لا فرق بين هذا الوجه والتصحيح بأمرين من حيث تعلّق الأمر بنفس الوضوء ، غاية الأمر أنّ اعتبار قصد امتثال الأمر الغيري هنا من جهة الدليل على دخله في الغرض ، كما في العبادات على التحقيق ، وفي الوجه الآتي يكون معتبرا شرعا بأمر آخر ، فكما يرد على الوجه الآتي لزوم تعلّق الأمر بغير المقدّمة ، كذلك يرد على هذا الوجه ، فتخصيصه به بلا مخصّص.
وفي كلام المجيب (قدس سره) تصريح بأنّ الأمر الغيري حينئذ محقّق لمقدّميته ، مغن عن أمر آخر. فراجع (٤).
ولا يخفى ـ أيضا ـ أنّ قصد امتثال الأمر الغيري لو كان موجبا لكون الوضوء عبادة مستقلّة ، فلا محالة يترتّب عليها الثواب كسائر العبادات ، فلا وجه للإشكال على ترتّب الثواب ، ولو لم يكن موجبا لذلك ؛ حيث إن تبعيّة الأمر المقدّمي لا تقتضي إلاّ الانقياد التبعي ، والانبعاث التبعي لا يجعل الشيء عبادة
__________________
(١) لا يخفى عليك أن الإشكال المذكور في كتاب الطهارة ليس في مقرّبية الأمر الغيري وترتّب الثواب على موافقته ، بل في صيرورة المقدّمة تعبّدية بالأمر بها للزوم الدور. وحينئذ فالجواب عنه بتعبّديتها في ذاتها ، أو لزوم إتيانها بداعي الأمر بها بدليل آخر أو بأمر آخر ، جواب مطابق للإشكال. ( منه عفي عنه ).
(٢) ص : ٨٨ من قوله ( رحمه الله ) : ( الثاني ـ أنّ الفعل ... الخ ).
(٣) كتاب الطهارة آخر صفحة ٨٧ وأوّل صفحة ٨٨.
(٤) كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) في طهارته : ٨٨.