٥٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( حيث إنه لا يدعو إلا الى ما هو المقدمة ... الخ ) (١).
لا يخفى عليك : أن الأمر وإن تعلّق بما هو المقدّمة ، فلا يدعو إلاّ إليها ، إلاّ أنه إنما يجدي فيما إذا لم يكن حاجة في عباديّتها وقربيّتها إلى داع من الدواعي ، فإنّ قصد ما هي المقدّمة حينئذ قصد إجمالي لما هو الحسن بالذات.
وأما إذا كانت قربيّتها موقوفة على الداعي ، فهو لا يعقل إلاّ مع الالتفات إليه حتّى ينبعث منه القصد إلى ذات المقدمة ، وإلاّ فالقصد إلى ذات المقدّمة منبعث عن نفس الأمر الغيري ، وإن كان واقعا متعلّقا بالفعل المأتيّ به بداعي رجحانه.
والمناسب لعنوان الاكتفاء بالأمر الغيري هو الأول ، فإنّ قصد ما هي المقدّمة قصد إجمالي للراجح بالذات. وأما الثاني فمع الالتفات لا معنى للاكتفاء ؛ لأنّ الداعي الحقيقي موجود ، ومع الغفلة لا يعقل وجوده في النفس ليكون داعيا.
ومنه يظهر : أنّ العنوان الراجح إذا كان قصديا إنما يكون مقصودا إجمالا مع الالتفات ، وأما مع الغفلة فلا قصد إلاّ إلى ذات المعنون ، بل سيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ الإشكال في صورة الالتفات إلى العنوان المجهول ، ولا يمكن الالتزام برجحان ذات المعنون ، وإلا وقع دائما راجحا ، سواء كان الأمر أو غيره داعيا أو لا. فافهم واستقم.
٥٩ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( أحدهما ـ ما ملخصه : أنّ الحركات الخاصة ... الخ ) (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١١ / ١٢.
(٢) كفاية الاصول : ١١١ / ١٤.