أفتى في القواعد بوقوع الطلاق وعدم الإكراه (١) وإن حمله بعضهم (٢) على ما إذا قنع المكره بطلاق إحداهما مبهمة.
لكنّ المسألة عندهم غير صافية عن الإشكال ؛ من جهة مدخليّة طيب النفس في اختيار الخصوصيّة وإن كان الأقوى وفاقاً لكلّ من تعرّض للمسألة (٣) تحقّق الإكراه لغةً وعرفاً ، مع أنّه لو لم يكن هذا مكرهاً عليه لم يتحقّق الإكراه أصلاً ؛ إذ الموجود في الخارج دائماً إحدى خصوصيّات المكره عليه ؛ إذ لا يكاد يتّفق الإكراه بجزئيّ حقيقيّ من جميع الجهات.
نعم ، هذا الفرد مختار فيه من حيث الخصوصيّة ، وإن كان مكرهاً عليه من حيث القدر المشترك ، بمعنى أنّ وجوده الخارجيّ ناشٍ عن إكراهٍ واختيار ؛ ولذا لا يستحقّ المدح أو الذمّ باعتبار أصل الفعل ، ويستحقّه باعتبار الخصوصيّة.
وتظهر الثمرة فيما لو ترتّب أثر على خصوصيّة المعاملة الموجودة ؛ فإنّه لا يرتفع بالإكراه على القدر المشترك ، مثلاً لو أكرهه على شرب الماء أو شرب الخمر ، لم يرتفع تحريم الخمر ؛ لأنّه مختار فيه ، وإن كان مكرهاً في أصل الشرب (٤) ، وكذا لو أكرهه على بيع صحيح أو فاسد ،
__________________
(١) القواعد ٢ : ٦٠.
(٢) نقله المحقّق التستري في مقابس الأنوار : ١١٨ عن بعض الأجلّة ، ولكن لم نتحقّقه من هو.
(٣) كالشهيد الثاني في المسالك ٩ : ٢١ ، والروضة البهيّة ٦ : ٢١ ، وسبطه في نهاية المرام ٢ : ١٢ ، والمحدّث البحراني في الحدائق ٢٥ : ١٦٣ وغيرهم.
(٤) في «ف» : في جنس الشرب.