محالة يتحقق البعث الحقيقي ، ولا دخالة للمجيء في البعث إلاّ بوجوده اللحاظي بما هو كذلك ، فلا موجب لترقّب وجود المجيء خارجا ، لا في وجود البعث تحقيقا ، ولا في ترتب آثاره عليه ؛ إذ لا حالة منتظرة لشيء هناك ، وإن كان المفروض وجوده ملحوظا بنحو المرآتية لما في الخارج ، فلا محالة يكون القيد الحقيقي هو المجيء الخارجي ، ولا معنى حينئذ لتحقّق المقيّد بلا قيده ، غاية الأمر أنّ القيد الخارجي قد يوجد بنحو وجوده التحقيقي ، فيوجد المقيّد بهذا النحو من الوجود ، وقد يفرض وجوده الخارجي ، فيلزمه ثبوت لازمه ثبوتا مناسبا لثبوت ملزومه ، ومعنى جعل الملازمة جعل الإنشاء الخاصّ بحيث لا ينفكّ اتصافه بالبعث الحقيقي عن المجيء خارجا ، فالمحقّق فعلا هي هذه الحيثية ، وأما عدم الانفكاك الفعلي ، فإنما هو في الخارج بين الطرفين كما في العلّية والمعلولية.
والتحقيق : أن الاشتراط والإناطة وإن كان إلى الآخر للبعث الحقيقي بوجود الشرط عنوانا ؛ لاستحالة إناطة ما سنخ وجوده اعتباري بأمر خارج عن افق الاعتبار ، وكيف يعقل أن يكون للبعث الإنشائي بداعي البعث الحقيقي اقتران بمجيء زيد خارجا حتى يكون مشروطا به؟ مع أنّ الشرط : إما مصحّح فاعلية الفاعل ، أو متمّم قابلية القابل ، فهو من شئون الفاعل أو القابل ، فالإنشاء بداعي جعل الداعي ، إنما يكون مقترنا بوجود الشرط عنوانا في افق الاعتبار لا بوجوده خارجا ، لكنه حيث إنّ الشرط لوحظ بنحو فناء العنوان في المعنون ، فلا محالة ما لم ينطبق على مطابقه لا يكون لما انيط به فعلية ، كما في العنوان المأخوذ في المكلف ، فإنّ الحكم وإن كان متعلّقا به بعنوانه لا بمعنونه لقيام الحكم بالحاكم لا بالمحكوم ، لكنه ما لم يصل العنوان إلى حدّ ينطبق على معنونه فعلا لا يكن للحكم فعلية.
وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّ فعلية الحكم مساوقة لفاعليته ، فتوهّم :
ـ أنه لوجوده الفعلي مقام ، ولتأثيره مقام آخر ـ باطل ، بل حقيقة الإنشاء بداعي