وإن اريد نفي العلية بقول مطلق ـ حتى الشرطية الراجعة إلى تصحيح فاعلية الفاعل ، وتتميم قابلية القابل ـ فلا وجه له ؛ إذ كما أن القدرة والإرادة والشعور مصحّحة لفاعلية الفاعل ، ومخرجة لها من القوّة إلى الفعل ، كذلك الجهات الموجبة لاتّصاف الفعل بالمصلحة والدخيلة في ترتّب فائدته عليه ، متمّمة لقابلية الفعل لتعلّق الإرادة به ، ولا مانع من كون المسمّى بالسبب والعلّة في الشرع من هذا القبيل ، وليس إلى منعه سبيل.

٢٧١ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( إلاّ توهّم عدم صحّة التعلّق ... الخ ) (١).

وربما يوجّه : بأنّ الظاهر تعليق الحكم على صرف وجود السبب ، وهو المقابل للعدم الكلّي ؛ أي ناقض العدم المطلق الذي لا ينطبق إلاّ على أوّل الوجودات.

وقد عرفت ـ فيما مرّ ـ أنّ كلّ وجود ناقض لعدم نفسه ؛ لأنه نقيضه ، فلا ينطبق على خصوص أوّل الوجود ، وترتيب الحكم على أوّل الوجودات بعنوانه وإن كان ممكنا ، إلاّ أنّه خلاف الظاهر ؛ لأنّ الظاهر ترتيب الحكم على مجرّد وجود الطبيعة ، لا على الوجود المقيّد أو وجود الطبيعة المقيّدة.

وإن اريد معناه الاصطلاحي ؛ بمعنى عدم أخذ المميّزات لأنحاء الوجودات في سببية السبب ، وملاحظتها بما هي وجود ، ومن الواضح أنّ صرف الشيء لا يتثنّى ولا يتعدّد.

ففيه : أنّ أنحاء الوجودات متشخّصة متعيّنة بأنفسها ، وما يسمّى مشخّصا عند الجمهور لازم التشخّص عند التحقيق.

فالسبب : إن كان مجرّد وجود السبب فلا محالة يتعدّد بتعدّد الوجود بنفسه ، وإن كان صرف الوجود ـ بحيث لا يشذّ عنه وجود ـ فهو واحد لا تعدّد فيه ، إلاّ

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٠٥ / ١٣.

۵۱۰۱