الحكم ، لا مقام العمل حتى يكون العمل معنونا به ، ويكون تصرّفا في سلطانه تعالى.
قلت : تشريعه ـ تعالى ـ هو بعثه وزجره ، وهو عبارة عن التسبّب إلى إيجاد الفعل أو الترك في الخارج ، فالإيجاد التسبيبي منه ـ تعالى ـ تشريع منه ـ تعالى ـ ، والتصرّف في هذا السلطان بالإضافة إلى غير شخص المتصرّف هو أمره للغير بعنوان أنه منه ـ تعالى ـ ، فيكون أمره الخارجي ـ وهو إيجاده التسبيبي ـ تشريعا منه وتصرّفا في سلطانه تعالى.
وأما بالإضافة إلى فعل نفسه فلا يتصوّر بعد البناء على التصرّف في سلطانه ـ تعالى ـ إلا إيجاده المباشري بعنوان أنه منه ـ تعالى ـ بالتسبيب ، فمصداق التشريع بالإضافة إلى الغير وبالاضافة إلى نفسه مختلف.
نعم تحريم الفعل المأتيّ به بعنوان التشريع ذاتا وتشريعا غير معقول ، لا لاجتماع المثلين ، بل لأنّ الالتزام بالحرمة الذاتية ـ زيادة على الحرمة التشريعية ـ إنّما يكون تصحيحا لتحريم العبادة ـ بما هي عبادة ـ حيث لا يعقل إلا تشريعا ، وفي نفس هذا الفرض لا يعقل قطع النظر عن عنوان التشريع ؛ بدعوى أنه حرام ولو لم يكن التشريع حراما.
هذا إذا اريد من الحرمة الذاتية تحريم الفعل بذاته ، لا بعنوان التشريع ولو في حال التشريع.
وأما إذا اريد منها الحرمة الناشئة عن غير المفسدة العامّة لكلّ تشريع ، ـ ولو مثل مفسدة التشريع الخاصّ الصادر عن الحائض مثلا ـ فالإشكال وجيه ، وإن كان يندفع بما سيأتي (١) ـ إن شاء الله تعالى ـ ، مضافا إلى أنّ ظاهر النواهي تحريم الفعل ـ بما هو ـ لا بعنوان التشريع.
__________________
(١) في التعليقة : ٢٤٠ الآتية.