اختلاف النظر في النار ـ إلاّ أنّ النار لا تؤثّر إلاّ إذا كانت بوصف كذا ، كما أنّ الجسم لا يقبل الاحتراق إلاّ إذا كان بوصف كذا.
فتحقق : أنّ معنى شرطية الوضع والمحاذاة أو يبوسة المحلّ ونحو ذلك : إما كون الفاعل لا يتم فاعليته ، أو المادة لا تتم قابليتها إلاّ مقترنا بهذه الخصوصية.
وعليه يصحّ لحاظ شرطية الطهارة للصلاة ؛ فإنّ معنى شرطيتها لها ليس توقّف وجودها على وجودها ، بل توقّفها في الفاعلية وتمامية التأثير عليها ، كما في الفواعل الحقيقية الطبيعية وشرائطها ، ولم نجعل الطهارة شرطا للأثر ، ليقال : إنّها بحسب لسان أدلّتها شرط للصلاة ، بل هي من مصحّحات فاعلية الصلاة للأثر المرتّب عليها ، أو من متمّمات قبول النفس ـ مثلا ـ للأثر الآتي من قبل الصلاة.
ومنه يظهر : أنّ كون شرطية الطهارة ـ مثلا ـ للصلاة بمعنى تقييدها بها شرعا لا ينافي كونها من متمّمات فاعلية الصلاة في نظر الشارع ، ولذا قيّدها بها خطابا لتقيّدها بها واقعا في فاعليتها ، فمجرّد كون الشرطية شرعا بمعنى التقيّد (١) لا يوجب التفصّي عن الإشكال ، ولا عدم كون الشرط الشرعي
__________________
(١) قولنا : ( فمجرّد كون الشرطيّة بمعنى التقيد .. إلخ ).
وربما يقال : بأن حال التقيّد بالمتأخّر حال المركّب التدريجي الذي يحصل الامتثال بتمامه ، فإنه في المتقيد يحصل الامتثال بحصول القيد المتأخر فإنه عنده يحصل المتقيد بما هو متقيد وفيه :
أولا : ان التقيد لا يكون إلاّ بنحو من الاقتران حتى ينتزع منه تقيّد أحدهما بالآخر ، فالصلاة بلحاظ صدورها من المستجمع للطهارة والتستر والاستقبال مثلا تكون مقترنة بها وأما الأمر المتقدّم المتصرّم الذي لا بقاء له ولا لأثره ، أو المتأخّر الذي بعد لم يوجد ، فلا معنى لاقتران الصلاة مثلا به لينتزع تقيّدها به ، وتلحظ متقيّدة به في مقام الأمر بها ، إلا أن يرجع إلى معنى آخر مقترن بالصلاة كالصلاة المسبوقة بكذا ، او الملحوقة بكذا ، ويكون اللحوق أو السبق المقترن بالصلاة قيدا لها ، دون ذات السابق أو اللاحق كما هو المفروض.
وثانيا : أن بناء تمامية الامتثال على حصول القيد تنظيرا بالمركّب التدريجي خروج عن